على السجادة الحمراء

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

للمهرجانات السينمائية والفنية حكايات وأحداث تلفت الأنظار دائماً، لكن للسجادة الحمراء حكايات أخرى، حيث يمكن اعتبارها حدثاً بحد ذاته، سواء في حفلَي الافتتاح والختام، أو في باقي أيام المهرجانات. على السجادة الحمراء يمرّ النجوم والضيوف، ويصطف في مكان مخصص لهم مذيعون، ومراسلون، ومصورون، من وسائل إعلامية مختلفة، ودخل على الخط أيضاً «مذيعو المواقع والصفحات الإلكترونية»؛ لا بأس إن كانت هذه لغة العصر والوسائل الحديثة التي تفرض نفسها، والتي تتيح عرض مقتطفات من المناسبات الفنية بشكل مباشر من موقع الحدث، لكن ما نستغربه هي تلك الحوارات الخاطفة السريعة التي يجريها بعض هؤلاء «المذيعين»، أو المراسلين، والتي يلهثون فيها «لخطف كلمة» بسؤالين، أو ثلاثة أسئلة، لكل فنان أثناء مروره من أمامهم، أسئلة ساذجة، سطحية، بل الأسوأ أنها تنتمي إلى النميمة، والقيل والقال، وحديث الشائعات، والتفاهات التي لا تفيد الجمهور بأي شكل، ولا تقدم أي معلومة، بل تنتقص من شأن الفنان، والمراسل، والقناة التي يمثلها.
كثيرة هي الأمثلة، ولعل أكثرها فظاظة تلك التي سمعناها خلال مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، والتي أصرت فيها المذيعة على طرح السؤال نفسه على نادين نسيب نجيم، وقصي خولي، عن حقيقة خلافهما، ولم تقتنع بالإجابة، بل أصرّت على أن طريقة سلام قصي على نادين باردة، اكتفيا بالسلام اليدوي فقط، بلا قبلات!! والأتفه من هذا السؤال، هو تفاعل فئة من الناس مع هذا «الحدث»، لتتولى الجيوش الإلكترونية إشعال جبهة الترند بخبر «قبلة قصي خولي ونادين نجيم في المهرجان». عارٌ على تلك القنوات، أو تلك الوسائل الإعلامية، أن تقبل بوجود مثل هؤلاء المنسوبين إلى اسم الإعلام، ليتولوا مهمة محاورة الفنانين، وعارٌ أن ينحدر مستوى الإعلام الفني بهذا الشكل، فتحلّ التفاهة والسطحية مكان الثقافة والوعي والفكر الناضج، والعمق في المعاني.. كأنه لم يكفنا ما عانيناه من انحدار في مفهوم الفن الراقي، ومفهوم معنى المهرجان -أي مهرجان- بحد ذاته والأسباب الحقيقية والمهمة وراء إقامته، وانجراف الفنانين والفنانات خلف بهرجة المظاهر، والملابس، والإطلالة، فصار الهدف من الحضور إثبات الوجود، وإظهار المفاتن، والتباهي أمام الشاشة في منافسة «من الأجمل؟ ومن الأكثر أناقة؟»، حتى أن كثيراً من الفنانين يغادرون قاعة الاحتفال بعد الانتهاء من مراسم الافتتاح، ولا يكترثون لمشاهدة الفيلم الذي يعرض مباشرة بعده. مهرجان الجونة السينمائي الدولي الذي اختتم دورته يوم 21 الجاري، جاء هذا العام مختلفاً بالشكل والمضمون، ارتقى إلى مستوى الحدث، جعل فلسطين هي القضية فسلّط عليها كل الأضواء بدورة استثنائية مميزة، فتحيّة للفن، ولصنّاع الفن والكلمة الذين يحترمون المهنة، ويحترمون المواقف الإنسانية، والمجتمعات، وينهضون بالفكر بما يليق بنا، وبهم، وبالفن الأصيل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/n64rbpwb

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"