مجرد تغيير أرقام

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

لو يعلم العام الجديد كيف تستعد البشرية لاستقباله وبأي فرح عظيم يتأهبون لدخوله وبكم الآمال والأمنيات التي يحملونها معهم، ليفرشها كل إنسان على درب الأيام المقبلة، لأعاد حساباته، وأتى بلهفة المشتاق إلى نثر الفرح والسلام والخير فوق كل حبة تراب على وجه هذا الكوكب! ليلة رأس السنة لبست كل الألوان؛ ألوان الفرح والبهجة، حيث احتفل العالم بانقضاء عام وإشراقة آخر، بينما لم يشعر آخرون بأي تغيير؛ بل مجرد تغيير أرقام من 2023 إلى 2024، وتبديل رزنامة بأخرى، بينما الأحوال باقية على حزنها وبؤسها.
ليلة رأس السنة احتشد فيها الناس في الشوارع وفي البيوت وفي أماكن السهر، تزينت السماء بكل أشكال البهجة وألوانها، ولعل سماء الإمارات شهدت، ككل عام، أفخم أشكال الاحتفالات وأكثرها بهاء، وصارت مقصداً لكثير من السياح الذين يتعمدون زيارتها في هذا الموسم من كل عام لقضاء إجازتهم والاحتفال باستقبال عام جديد.
في نفس الليلة، لا يمكننا أن ننسى أو نتجاهل من نام على حزن واستفاق على نفس الحزن، وكأن الزمن تخطاه تاركاً إياه عند نفس المحطة، بلا مؤونة الفرح والأمان والطمأنينة، لا يحمل سوى سلاح الأمل، من هؤلاء أهل غزة، فهؤلاء لن يحتفلوا ببداية عام جديد إلا حين يحتفلون بانتهاء الحرب وعودة الأمان. كان مُرّاً عام 2023 عليهم، في دفاتره خلّد أسماء آلاف الأطفال والعائلات، وسلّم رايته لعام 2024، فهل يشهد هذا الآتي على وقع طبول الحرب ولهيب الحقد ختاماً للأحزان وانتصاراً للحق؟ 
هناك من زاره الحزن في العام الماضي وترك فجوة عميقة في حياته، وشعوب تعاني منذ سنوات، فارتأت أن تمزق رزنامة الأيام، ولا تعترف بالأرقام، لكن وحده الأمل يبقى منتصراً وغالباً، فما من نفس بشرية إلا وتزرع في أعماقها بذور الأمل، تتغذى وتعيش عليها، ما من كائن يواصل حياته بلا حلم، والحلم هو المرادف الحقيقي للأمل، كلنا نقتات منه، ننتعش ولو للحظات، نغلفه بالأمنيات، نعززه بالصلوات، نرسمه في الخيال، نلبسه زي المستقبل، نضيء له الشموع، من أجله تشرق الشمس ويطلع النهار وتتوالى الأيام، ومن أجله تقوى العزيمة، تنهض الهمم، تسير الحياة وتتقدم.
عام جديد، أمل جديد وربما قديم يتجدد، هكذا تكون البدايات، وهكذا تستمر الحياة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/jmzwytn8

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"