مزرعة القلق والأفكار

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

دون شك أن القلق المرضي له تداعيات كبيرة، وإن كان القلق نفسه كشعور وإحساس، أمراً اعتيادياً، ولا فكاك منه، ولا عنه، ولكن مع المبالغة والانغماس في القلق، والسماح له بالسيطرة على الأفكار، فإنه دون شك سيتحول لحالة مرضية، ويصبح عارضاً من عوارض الأمراض النفسية، وله تداعيات واسعة على الصحة بشكل عام.

يفسد القلق الصورة الجميلة عن واقعنا، بل إنه يتسبب في قتامة هذا الواقع وجعله كئيباً، بينما الواقع الفعلي الذي نعيشه مختلف تماماً عن مثل تلك الأفكار والرؤية الضبابية القاتمة.

للقلق تداعيات، حتى على نظرتنا للمستقبل، فهو قادر على أن يحطم الأمل بالمستقبل الجميل، وبالتالي هو لا يكتفي بإفساد الحاضر، وإنما يمتد وصولاً إلى قادم الأيام، نحو مشاريعنا ورؤيتنا وتطلعاتنا.

دون شك أن أولى خطوات القلق تبدأ معنا، من الأفكار، الأفكار التي نتبناها، أو تلك التي نؤمن بها، أو التي نرى أنها صحيحة، ولا تقبل النقاش أو الحوار حولها، هذه الأفكار التي تتسلل إلينا بهدوء وخفة، وتتلبس بنا، وتصبح جزءاً من حالتنا المزاجية التي تمر بنا. هذه الأفكار تصبح لها الكلمة العليا، ومع مرور الأيام يصبح تأثيرها عميقاً جداً في النفس، وهي في نهاية المطاف التي تؤدي إلى القلق.

قد تكون تلك الأفكار غير مواتية، أو ليس الوقت الحالي هو وقتها، أو اللحظة الزمنية ليست لحظتها، ومع هذا تدخل في المزاج العام لشخصيتنا وتغير الكثير من الاهتمامات، والكثير من الآراء، والكثير من وجهات النظر، وأيضاً الكثير من رؤيتنا وأهدافنا.

يجب ألا نستهين بالأفكار وأثرها المدوي في معنوياتنا وحياتنا، وفي روحنا المعنوية، يجب ألا نتغاضى عن قوة الأفكار، وتغلغلها وتأثيرها، هذه الأفكار هي التي تحمل القلق، وهي التي تجعله مرضياً، ويشكل عائقاً فعلياً لحياتنا. تقول المؤلفة والمعالجة النفسية، الدكتورة جنيفر جيرلاخ: «يمكن للقلق أن يخلق لنا صورة لمستقبل لا يوجد الآن، وربما لا يوجد أبداً. إن محاولة إبعاد الأفكار القلقة من أذهاننا غالباً ما تؤدي إلى تضخيم هذه الأفكار. القلق يمكن أن يؤدي إلى نبوءة ذاتية التحقق، مما يصرف انتباهنا عما يتعين علينا القيام به.عندما يكون لدينا هذا الوعي، فإن كل فكرة نتبناها تصبح محل نقاش وتحليل، وتخضع للحوار والنقاش والتدقيق».

يجب أن يكون القلق في مستواه الأدنى، لن تلغيه أو تمنعه، لكنك تستطيع السيطرة عليه، وتوظيفه لخدمتك، من خلال تحكمك بأفكارك، وتوجيهها التوجيه الإيجابي الفعال المفيد.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4urntsdp

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"