دردشة قبل موسم الدراما

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل اقتربت ساعة انطلاق مسلسلات الشهر الفضيل؟ معذرةً، فالأعمال المعنيّة ليست رمضانيةً في شيء، ثم إن المُشاهد لا يعجبه العجب، فهو لا يرى في جلّ الإنتاج الفني أيّ عجب. قد تكون هذه النقطة بالذات مدخلاً مناسباً بالسؤال: ما علّة قِصر أعمار أغلبية المسلسلات؟ لا داعي إلى التحليل، فواضح أن المنتجين لا يضعون في الحسبان الإبداع الذي يدوم. استطراد مفيد: روائع المسرح اليوناني، التراجيدية والساخرة، التي أبدعها سوفوكليس، تعود إلى خمسة وعشرين قرناً. تخيّل عرب سنة 4524 يشاهدون هذا الإنتاج الذي تتجرعه جماهير المشاهدين في زماننا. شكسبير لا يزال شاغل الذوق المسرحي عالميّاً منذ القرن السابع عشر. القرن نفسه شهد ثلاثي المسرح الكلاسيكي الفرنسي: راسين، كورناي وموليير. هذا الاستشهاد لا يعني أن القلم يُدخل شعبان بدائع الأدب الكلاسيكي، في رمضان الإنتاج التلفزيوني المسلوق سلقاً.

من بديع العبارة في معاجمنا القديمة، شرحها الإبداع بأنه «الصنع على غير مثال»، أي ذلك الذي ليس فيه تقليد، فهو جديد وتجديد، ولا اختلاس يوجب الاحتراز والاحتراس، خشية الالتباس. نحن لا نطالب الشركات بأن تُفجّر عيون إنتاج تلفزيوني خالد، لكن، في الأقل أن تأتي بأعمال «قابلة للحياة»، كتلك الدولة التي وُعد الفلسطينيون، دولة في غرفة الإنعاش. مسلسلاتٌ تاريخ ميلادها هو شهادة النفس الأخير. المسألة جلية، فالأعمال الرديئة أقوى دليل على أن الشركة، بدافع تقليص النفقات، تجنّبت المبدعين المتميزين، الذين تكون أجورهم عالية. المطلوب حينئذ، القصة والسيناريو والحوار الزهيدة، المخرج المتواضع، الممثلون الناشئون والحجة عندها فولاذية: تشجيع المواهب ورعايتها. الكوميديا، هي أن هذا البنيان الهش يستمر إنتاجه حتى بعد منتصف رمضان أحياناً، فمن المنتج إلى المستهلك. لا تعميم في الأمر، فالمقادير لا تبخل علينا ولو بقطرات من ماء حياة الفن الذي يروي الظمأ إلى الإحساس بالجمال.

من غرائب أكثرية الأعمال الدرامية الرمضانية وحتى غيرها، انعدام علاقتها بالواقع العربي. في حين أن مقاربة القضايا الاجتماعية والثقافية والنفسية والاقتصادية، في الديار العربية، تنفخ فيها روح التألق والتأثير والتفاعل، وتُكسبها احتراماً ومكانةً وتقديراً بلا حدود. على وسائط الإعلام ومراكز الدراسات، أن تُجري استطلاعات رأي دقيقةً، لكي تدرك شركات الإنتاج موقعها من النفوس والأفهام.

لزوم ما يلزم: النتيجة الأسفيّة: الفضائيات ترتكب أخطاءً مشينةً حين تبثّ مسلسلات تركيةً ومكسيكيةً، أنتجتها بلدانها لمجتمعاتها. أين البحوث الاجتماعية والنفسية والتربوية؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2yjhmkr2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"