لحون العُرْب ألحاني

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تسمح باستئناف الحديث في ما على الموسيقيين الجادّين العرب، إسداؤه وإهداؤه إلى الذوق العام في الديار العربية؟ نقطة الانطلاق لا تقبل التشكيك والتفكيك، سوى أنها تستتبع سلسلة من التوابع والزوابع: ما هي أسباب تفشّي الهبوط في الأعمال الفنيّة؟ الجواب فوراً: قبول الناس وعدم الاعتراض على انتشارها، لانعدام الضوابط والكوابح التي تضع لها حدّاً. تماماً مثل تكاثر الجُنَح والجرائم والعاهات الاجتماعية، حين يتردّى أداء الجهات المسؤولة مادّيّاً ومعنويّاً عن التوازن الاجتماعي والقيم فيسهل الإخلال بالأمن. تماماً مثلما يحدث تدهور المناعة المكتسبة الفرديّة، أو انهيار نظام الصحة العامّة. ثمّة تنافس محتدم في العالم العربي بين معاهد الموسيقى ومراكز البحث العلمي، فكلا الطرفين يريد الفوز بقصب السبق في ندرة الوجود!

انسحاب لجان الرقابة على الإنتاج الفني من الساحة، ليس قدَراً محتوماً، حين يكون ضربة قاصمة. في إمكان الموسيقيين الحقيقيين، الذين يجمعون الموهبة الرفيعة إلى المعرفة الوسيعة، أن يضعوا حدّاً لظاهرات «الوكالة بلا بوّاب». هم دائماً محجمون، فلماذا لا يكافحون الأعشاب الضارّة والطفيليات؟ المؤسسات الثقافية والفضائيات تقع عليها مسؤوليات جسيمة. تخيّل لو حمل العابثون بالقيم الموسيقية، نصوصاً سعراتها الحرارية صفر، إلى أمّ كلثوم أو السنباطي أو محمد عبدالوهاب، لكان الردّ بالفلقة.

القاعدة الذهبية التي من الضروري الاستناد إليها، هي أن أيّ هبوط موسيقي في أيّ بلد عربي، إنما هو نيل من الموسيقى العربية بكاملها. في الأقلّ لم يخرج العرب من مولد الوحدة العربية بلا حمّص، فقياساً نقول: «لحون العُرْب ألحاني». للأسف، الإحساس بالأمن القومي العربي ليس هكذا. لم يعد للخريطة العربية وعي بيولوجي للأهمية الحيوية للمناعة المشتركة.

من هذا المبدأ، يكون على الموسيقيين الحقيقيين الأكفاء في البلاد العربية، بشتى اتجاهاتهم وتوجهاتهم، أن يعقدوا مؤتمرات، ولو افتراضيّة، لوضع حدّ للتسيّب الذي يذكّرنا بالأسباب الموضوعية، التي أدّت إلى اتخاذ الفقهاء في العصر العباسي، وحتى قبله في العصر الأمويّ، مواقف متشدّدة من مجالس الطرب الماجنة، التي كانت حافلة بكل ألوان الاستهتار. وقد كانت لها آثار سلبيّة في الموسيقى العربية إلى القرن العشرين. لا عجب إذا حُرِم الذوق العربي الموسيقى الجادّة العارفة إلى أيّامنا.

لزوم ما يلزم: النتيجة التوضيحيّة: لو كان الغرض دعوةً إلى تأسيس شيء على غرار اتحاد الموسيقيين العرب، أو اتحاد الفنانين، لكان السكوت أكرم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/33kx7yjp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"