دون شك أن الوظيفة الرئيسية لكل أب وأم، هي التربية القويمة الصحيحة للأبناء، ولعل هذه المهمة أو الوظيفة، تعتبر واحدة من أقدم الواجبات الإنسانية في تاريخ البشرية. وعلى مختلف العصور والحقب التاريخية، كان محور التربية وموضوعها من أهم القضايا التي تطرح للنقاش والحوار، بل إن الدراسات والبحوث والمؤلفات في هذا المجال عديدة ومتنوعة وكثيرة، ولم تنقطع، فهي تتجدد مع كل مرحلة تاريخية تمر بالحضارة، ونستطيع القول إن كل أمة من أمم الأرض، لديها إرثها ومفاهيمها ومبادئها التربوية، ولديها معلوماتها التي تم توارثها جيلاً عن جيل.
وكما هو معروف، فإن هناك أثراً كبيراً لكل من الأب والأم في الطفل، وهو تأثير شامل، يصل للسلوك والشخصية، ولجوانب كثيرة من حياة الطفل، بل إن البعض من المؤثرات يبقى مع الطفل ويصبح جزءاً من شخصيته. لذا لا غرابة أن يحظى هذا الموضوع بكل هذا الاهتمام، والرعاية في كل مجتمع من المجتمعات. فتربية الأطفال تحد دائم، وهي لا تنحصر في جوانب الإرشاد والتعليم، بل في الحماية وتوفير البيئة الملائمة الصحية والنفسية والهادئة والمحبة، وتغذية هذا الطفل بالقيم والمبادئ القويمة.
في هذا العصر، أجد أن موضوع التربية، بات على درجة أعلى من الأهمية، وله متطلبات كثيرة ومتنوعة، وتحديداً متطلبات غير مسبوقة أو أنها جزء من طبيعة هذا العصر الذي نعيشه، على سبيل المثال، أجد أن على كل أم وأب، الاهتمام بتغذية طفلهم بمهارات حياتية حيوية ومهمة، كطريقة حل المشكلات، وأساليب اتخاذ القرارات، وكيفية الوصول للقرارات الصحيحة، وأيضاً عدم إغفال مهارة التفكير الناقد، وتنمية طرق التواصل مع الآخرين، التواصل البناء المثمر. وتشجيع الطفل على المبادرة وعدم الخوف، وتنمية حس الفضول وحب الاكتشاف، بل دعمه، وأجد أن تعويد الطفل على القراءة، ثم التعبير عن نفسه بالكتابة وسيلة ناجحة ومجربة، وأحث على ممارستها، لأنها تمنح الطفل مساحة لاستخدام عقله بوعي، وتدريب هذا العقل الصغير على توليد الأفكار، والتعبير عنها.
ولا ننسى تحفيز الطفل على التجريب، وتحمل الخطأ، وإصلاحه، لأن في هذا تنمية لحس المسؤولية، فضلاً عن الاستقلالية، ويمكن زيادة جرعات في هذا المجال، من خلال تكليف الطفل بمهام تتوافق مع مرحلته العمرية، مثل التنظيف في المنزل، أو المساعدة في مهمة ما. التربية بمثابة تعليم مستمر للطفل، ويجب ألا يكون تعليماً مملاً ومباشراً وفيه ضجر، بل فيه تشويق ولعب وسعادة، هكذا تنمو العقول الصغيرة المبتكرة الذكية.
