التعب..

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

* لم يترك المؤرّخ وعالم الاجتماع الفرنسي (جورج فيغاريلّو مواليد 1941..) تعريفاً أو توصيفاً أو مُقاربة فكرية أو فلسفية تتصل ب (التعب) إلاّ وكان كل ذلك في إطار بحثه الموسّع في كتابه (تاريخ التعب) - من العصر الوسيط إلى أيامنا هذه - (..منشورات صفحة 7 الطبعة الأولى 2023..).

* من تعب المسافر، إلى تعب السائح إلى تعب الحج إلى تعب الحرب، إلى تعب المنصب، إلى تعب الجبال (متسلّقي الجبال).. إلى تعب الصحفي، بل إلى تعب الحداثة، إلى تعب البلاط.. وحتى التعب البشري العام الذي أحاط بالعالم جرّاء وباء كورونا..

* من عائلة التعب: الإنهاك، المشقة، الوَهَنْ، الإعياء، الإرهاق، غير أن (فيغاريلو) لم يخطر على باله نوعان من التعب:.. تعب الحب، وتعب الكتابة.

* يقول (فيغاريلو): (يريد بعض الرجال أن يكونوا أشجار سنديان لا تتعب. المشكلة هي حينما تصل الرياح، عندها يقاوم السنديان ثم تقتلع جذوره في الأخير. أن تكون قصبة يعني أن تقبل التعب..).

* منذ قرون، منذ أوّل الدهر:.. لم تتعب الدائرة من الطواف حول النقطة/.. لم يتعب سيزيف من حمل الصخرة إلى أعلى الجبل../.. لم تتعب دودة القز من خيط الحرير../ لم تتعب النحلة من روح العسل../.. «ولم نتعب أنا وأنتِ من الحب..» كما يقول جاك بريفير.

* يقول أحمد شاملو: «..إن لم يكن لديك إكليل، ضع كبرياءَك فوق رأسك..».. ربما كي لا تتعب كرامتك ذات يوم أبداً..

*أَلَّفْ توفيق الحكيم أكثر من ثمانين كتاباً، ولم يتعب إبراهيم الكوني من نحو سبعين رواية، وكان نجيب محفوظ نهراً مصرياً آخر من سرد قصص الحارة القاهرية، ولم يتعب شكسبير لا من الشعر ولا من المسرح، ولم يشبع نيرودا لا من الحياة ولا من الحب.. تلك هي المروحة الأبدية للزمن وللأرواح الكبيرة في قلب هذا الزمن..

*التعب.. طبيعة الإنسان ذي النفس القصير.

* أمضى (بجماليون) وقتاً في نحت تمثال جعل منه شبيهاً بنرجس أو نرسيس في قصة الماء والوجه الجميل.. بجماليون لم يتعب من النحت، ونرسيس لم يتعب من المرآة..

*أحب سباق الخيل، وسباق الهجن، ففي الرياضتين حكمة وثقافة، وفيهما فكرة جوهرية أيضاً تتعلّق بِ (التعب):..الصبور، والأصيل يكسب في نهاية السباق..

* رياضة أخرى تنطوي أيضاً في فلسفة (التعب).. هي كرة القدم.. ومرة ثانية، الصبور الأصيل سيضع الإكليل على رأسه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4ppthujx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"