عادي

تعرف إلى أشهر رواية انتقدت الحضارة الآلية

21:26 مساء
قراءة 3 دقائق
نحن
القاهرة: الخليج
أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة ترجمة جديدة لرواية «نحن» للكاتب الروسي يفجيني زامياتين (1884-1937)، قام بالترجمة نبيل رشوان، والرواية تثير تساؤلات عدة، منها: هل اقتبس جورج أورويل روايته «1984» من «نحن»؟ خصوصاً أنها صدرت قبل ربع قرن من رواية أورويل، وهي من أكثر روايات الديستوبيا إثارة للجدل النقدي في القرن العشرين، وقد كتب أورويل نفسه مقالاً عنها، فيما يبدو وكأنه محاولة لإبعاد تهمة الاقتباس عن نفسه، فهو يبدي خلال المقال عدم اهتمام بنص رواية الكاتب الروسي.
زامياتين الذي توفي عام 1937 في باريس، كان كاتباً روسياً وناقداً، نشر العديد من الكتب سواء قبل الثورة البلشفية أو بعدها، رواية «نحن» كتبت نحو سنة 1923، وقد تخرج مهندساً للتصميم في كلية بناء السفن في جامعة «سانت بطرسبرغ للفنون التطبيقية»، وشارك بشكل مباشر وكبير في بناء كاسحات الجليد، منها كاسحة الجليد «لينين» وأوفدته الحكومة البلشفية إلى المملكة المتحدة في رحلة عمل، فأصبحت هذه الرحلة نقطة تحول في حياته، عندما رأى بأم عينيه الفرق بين الواقع الإنجليزي وحياته المعتادة.
رغم أن الرواية ليس لها علاقة بروسيا – كما يقول أورويل في مقاله عنها – وليس لها علاقة بالسياسة الحديثة، فإن هذه الصورة الخيالية عن الحياة في القرن السادس والعشرين، كانت ممنوعة من النشر في روسيا لأسباب أيديولوجية، نسخة من الرواية مكتوبة بخط اليد، هربت إلى الغرب، وتم نشر الرواية بعد ترجمتها إلى الإنجليزية والفرنسية والتشيكية، ولم تنشر بالروسية.
يقول أورويل أول شيء تلاحظه عن قراءة «نحن» أنها تتشابه مع ما كتبه ألدوس هكسلي عن «عالم جديد رائع»، حيث يتحدث الكتابان عن تمرد روح الإنسان الطبيعي على الرتابة الميكانيكية والعالم عديم الإحساس، في كلتا الروايتين تدور الأحداث في المستقبل بعد 600 عام إلى الأمام من العصر الذي كتبت فيه، أجواء الروايتين متشابهة، وتصور نوعاً واحداً من المجتمعات، على الرغم من أنه عند هكسلي لا يوجد إسقاطات سياسية، وروايته مبنية على تأثير أحدث النظريات البيولوجية والنفسية.
في رواية زامياتين السكان الذين يعيشون في القرن السادس والعشرين فقدوا شخصياتهم، لدرجة أنهم يميزون بعضهم بالأرقام، ويعيشون في بيوت زجاجية (الرواية مكتوبة قبل اختراع التلفزيون) وهذا يسمح للبوليس السياسي الذي يسمى (الحراس) بمراقبتهم، الجميع يرتدي زيا موحداً، والجميع ينادون بعضهم إما برقم كذا أو «يونيفا» (يونيفورم) يتغذون على أطعمة مصنعة، ومحدد لهم ساعة راحة، يسيرون معاً في صفوف أربعات على صوت موسيقى السلام الوطني للدولة الموحدة، المنساب من أجهزة تسجيل ومكبرات صوت.
رواية «نحن» - كما يرى أورويل - في مجملها وروحها تشبه يومنا هذا، فرغم تربية ويقظة الأمن استمر تأثير الغرائز الإنسانية القديمة، فهناك مهندس موهوب، لكنه في داخله شخصية عادية، يعيش في خوف دائم، مستشعراً نفسه في أسر رغبات رجعية، يقع في حب واحدة، تبين أنها عضو في حركة مقاومة سرية، استطاعت أن تجتذبه لتدبير تمرد.
يرى أورويل أن الاحتمال الأكبر أن زامياتين لم يفكر على الإطلاق في اختيار النظام السوفييتي كهدف للهجوم في روايته، فهو كتب الرواية أثناء حياة لينين، ولم يقصد ديكتاتورية ستالين، والظروف في روسيا عام 1923 واضح أنها لم تكن كذلك، لكي يتمرد أحد، معتقداً أن الحياة ستصبح هادئة ومزدهرة.
هدف زامياتين ليس تصوير بلد بعينه، لكن تبيان أن ما يهددنا هي الحضارة الآلية الميكانيكية، خصوصاً أنه عاش عدة سنوات في إنجلترا، وشن هجوماً حاداً على الحياة الإنجليزية، والرواية توضح أنه كان منجذباً إلى الحياة البدائية، هكذا يؤكد أورويل.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mpjz8vpz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"