إنهاء العدوان لا هدنة مؤقتة

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
افتتاحية الخليج

تتجه الأنظار إلى باريس، حيث تجري مفاوضات رباعية على أمل التوصل إلى هدنة جديدة في الحرب الإسرائيلية على غزة، في الوقت الذي تتواصل فيه المعارك وترتفع حصيلة الضحايا ويتدهور الوضع الإنساني بصورة كارثية، مع تزايد خطر المجاعة وانتشار الأمراض وانعدام كلي لأسباب الحياة، بينما العالم يتفرج ولا يستجيب لنداء التحرك لإنهاء هذا العدوان فوراً.

المعلن عن هذه الجولة من المفاوضات بين مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل يفيد بأنها تهدف إلى التوصل إلى تهدئة في غزة والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين ودعم الأوضاع الإنسانية بالقطاع، لكنها لا تتحدث عن إنهاء فوري لهذه الحرب، كما يطالب المجتمع الدولي باستثناء دولتين أو ثلاث، وهو ما يجعل من طموح هذه الهدنة محدوداً ولا يلبي التطلعات بإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي تجاوز عدد ضحاياه 100 ألف بين قتيل وجريح ومفقود، ناهيك عن نحو مليونين، وهم كل السكان تقريباً، نازحين في العراء بعد تدمير المنشآت السكنية والمرافق الصحية والفضاءات التابعة للأمم المتحدة. وقد تنجح مفاوضات باريس في تحقيق اختراق جزئي، وتعلن إبرام هدنة مؤقتة يتم خلالها إطلاق سراح عدد من الأسرى والمحتجزين، وهو ما تدفع إليه الولايات المتحدة، التي ترى أنه من السابق لأوانه وقف الحرب، وكذلك إسرائيل، التي أوغلت آلتها الحربية في دماء الأبرياء، ومازالت تقتل وتدمر وتشرد، متوهمة أن ذلك سيحقق لها النصر في نهاية المطاف.

جلسة مجلس الأمن الأخيرة كانت فضيحة تاريخية، إذ امتشقت الولايات المتحدة، للمرة الثالثة في أربعة أشهر، «الفيتو» لتجهض قراراً صاغته المجموعة العربية وطرحته الجزائر، يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتسريع إدخال المساعدات إلى غزة، ولم يدعم واشنطن في هذا الموقف الشنيع غير بريطانيا التي امتنعت عن التصويت بحجة أن الوقت لم يحن لإنهاء هذه الحرب المجنونة.

وما لم يتحقق في مجلس الأمن تريد واشنطن، ومن خلفها تل أبيب، أن تحققاه عبر هذه المفاوضات، على الرغم من أن التوصل إلى هدنة، ولو قصيرة، يمكن أن يكون خطوة إيجابية، ولكن النوايا السيئة والخطط الخبيثة لا تجعلها كذلك، فهذه ليست حرباً بين قوتين متكافئتين، بل إبادة جماعية يشنها معتد تجاوز كل القوانين والأخلاق بحق شعب أعزل يقاوم، بكل السبل، لاستعادة حقوقه المشروعة أسوة بكل شعوب الأرض التي تعرضت للاستعمار والاحتلال، لكنها لم تشهد قط إجراماً كما فعل الاحتلال الإسرائيلي في 140 يوماً سواء في قطاع غزة المحاصر والمدمر أو الضفة الغربية المقطعة والمستباحة.

منذ أسابيع تتوالى النداءات والتحذيرات للجيش الإسرائيلي من غزو مدينة رفح، التي أصبحت تؤوي كل نساء غزة وأطفالها تقريباً، ويعيشون في أوضاع مأساوية لا تليق ببشر، ولكن غلاة التطرف في تل أبيب ما زالوا يهددون ويتوعدون ويضعون الخطط للاجتياح والتهجير، وإزاء ذلك مازال الفاعلون في هذا العالم يتغاضون، وكثير منهم يسرون غير ما يعلنون، وتعجز الإرادة الدولية عن فرض الانصياع للقوانين والمواثيق الإنسانية، وبدلاً من الضغط لإنهاء الحرب ومحاسبة من أجرم، يجري الحديث عن هدنة مؤقتة، لمنح إسرائيل مزيداً من الوقت لاستئناف الإبادة وتصفية القضية الفلسطينية تصفية تامة، كما يتضح من مجريات هذه الجولة الخطيرة من الصراع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5c5vdjwa

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"