عادي

تعرف إلى الحياة السرية لمدينة نيويورك

21:46 مساء
قراءة 4 دقائق
أسفل مانهاتن

القاهرة: «الخليج»

يذهب المستكشف ومتسلق الجبال والناشر النرويجي إيرلينج كايج في رحلة إلى نيويورك، ليكتشف ما لم يكتشف من قبل، الحياة في الأسفل، ينزل برفقة المصور والمؤرخ ستيف دانكن ومجموعة من الأصدقاء إلى شبكة مجاري ومترو الأنفاق، ليكشفا عن عالم خفي، ممتلئ بالحكايات.

يسيرون بطول نيويورك من برونكس إلى مانهاتن، ثم محطتهم الأخيرة، المحيط الأطلسي، ومن خلال الصور والتأملات الفلسفية وروايات رحلتهم، ينفتح أمامهم عالم كامل، لم يتم استكشافه من قبل، حيث يصف إيرلينج ما يراه في الطريق، بأنه «الجمال السلبي» الذي يتكون من غياب اللون والضوء والنظام الطبيعي.

خلال رحلتهم تحت الأرض يصادفون أشخاصاً، يعيشون حيواتهم بعيداً عن صخب الحياة فوق الأرض، ومدركين لما يحيط بهم من مخاطر، كل هذا يعرضه لنا إيرلينج وأصدقاؤه في مغامرتهم الفريدة «أسفل مانهاتن» وهو الكتاب الذي أصدرته «دار العربي للنشر والتوزيع» بعنوان جانبي: «الحياة السرية لمدينة نيويورك» بترجمة هايدي إبراهيم.

* حدس

يؤكد إيرلينج في صدر كتابه «إننا ولدنا جميعاً لنصبح مستكشفين» فالطفل يستخدم حدسه، ويتساءل عما وراء الحافة، يريد أن يكتشف مساحات أكثر حوله، ليتحرك فيها، هذه هي طبيعتنا أن الفرح والفضول يولدان داخلنا، منذ يومنا الأول، لكنهما يختفيان بالتدريج كلما تقدمنا في السن.

يقول إنها لم تكن أول مرة يسافر فيها لتحقيق هدف واحد، وهو البحث عن معنى للحياة، فقد أبحر إلى غرب إفريقيا، ولاحق الشمس عبر المحيط الأطلنطي، عبر قناة بنما متجهاً إلى المحيط الهادي، بعد ذلك قرر الذهاب في الاتجاه المعاكس، أراد أن يكون أول شخص يتزلج بمفرده إلى القطب الجنوبي، وعندما وصل إلى القطب بعد خمسين يوماً دون رؤية أو التحدث إلى أي شخص آخر، قرر أن يكون أول شخص يصل إلى أبعد مناطق الأرض: القطب الشمالي والقطب الجنوبي وقمة جبل إفرست وبعد مرور سنة أو أكثر وقف على أطول قمة في العالم.

يقول إيرلينج: «من واقع خبرتي أن السعادة شيء يمكنني أن أعثر عليه في أي مكان في أي وقت، وبطرق غير معتادة حتى بالنسبة إليّ، نادراً ما تكون السعادة أسلوب تفكير، عندما أكون في رحلة استكشافية، تتشكل السعادة في شعور الدفء، الذي يعود إلى جسدي، أو في شعوري بالشبع بعد الأكل، أو عندما تتوارد فكرة جيدة إلى ذهني، لكن البرودة والصعوبات والجهد يعمل على تذكرتي بأن معرفة ما أريده من الحياة أمر صعب، إن الألم والشك يسيران جنباً إلى جنب مع السعادة التي تأتي من كونك في رحلة خاصة للاستكشاف».

* اتجاه آخر

نظر إيرلينج إلى طموحاته المعتادة بشكل مختلف ذات يوم، وقال لنفسه يجب أن تنظر إلى الأمر بطريقة أخرى، لا تسافر في اتجاه واحد، إلى الأعلى أو إلى الخارج، هذه المرة توقف، اتجه إلى الأسفل، سافر تحت الأرض، حيث لا تشرق الشمس أبداً، اكتشف طريقتك الخاصة، اشعر بالحرية عند الهروب من نمط الحياة اليومي، ابحث عن السعادة والبهجة في الأماكن التي لم يفكر الناس أن يبحثوا فيها من قبل.

أراد أن يرى بنفسه بطريقة أخرى، وأن يتعرف إلى نيويورك عن قرب، من خلال اكتشاف قنوات الصرف، ورؤية بنيتها السفلية، أن يختفي في الظل، وفي كل مرة يعود إلى السطح يشعر باللوحات الإعلانية والضجيج وصخب استعدادات عيد الميلاد، من الشمال في حي برونكس إلى حي مانهاتن، عبر حي بروكلين وحي كوينز، وإلى المحيط الأطلسي، جزء منه مواطن، والجزء الآخر مستكشف، لما تحت الأرض، فيما تخيله في قرارة نفسه على أنه العقل الباطن للمدينة.

هذا الجزء من المدينة لا يفكر فيه أحد، المياه تتدفق من الصنبور، وتقف الأساسات صلبة، وتختفي النفايات في المراحيض، وتتبع مترو الأنفاق طرقها، لكنها ضرورية للحياة التي تحدث فوق الأرض، أراد أن يعرف كيف تبدو هذه المدينة تحت الأرض؟ هل يوجد نظام ما؟ هل يعيش أحد هنا في باطن المدينة؟ هل يمكن أن يفهم أشياء سيلتقي بها في رحلته بإعادة قراءة أرسطو والاستماع إلى أغاني ليدي جاجا وقراءة عمل دانتي أليجيري الكلاسيكي «الكوميديا الإلهية» عن إقامته في العالم السفلي.

* غابة مظلمة

كانت لديه أسباب لأن يحضر كتاب دانتي معه في الرحلة، فهو مثله، تبدأ رحلته في منتصف حياته، فقد سلك طريقاً خاطئاً بمكان ما في غابة مظلمة لا ينتمي إليها، سافر برفقة صديقه ومرشده فرجيل نحو الهاوية وأبعد منها، بين الجحيم والجنة، ولم يختر مكانه عشوائياً، لطالما عاملته نيويورك بطيبة، وقع في حبها، رأى أفضل الفنون، كون صداقات دائمة، وحظي بالمتعة، بكل الطرق الممكنة قدمت له نيويورك أوقاتاً سعيدة، فهي مدينة كل المدن الحديثة، تلك الجزيرة الصغيرة المكتظة بالبشر في مانهاتن، التي تنبت باستمرار وصعوداً، وليس إلى الخارج أبداً.

في نهاية كتابه يدعو إيرلينج الجميع إلى: «قم برحلة عبر الأنفاق في نيويورك، وابدأ بالمجاري، ولا تتوقف حتى تشعر بالمياه المالحة، تصل إلى فخذيك» وبعد تلك الرحلة يصل إلى الأعمق حين يقول: «أوه كم هي فقيرة تلك اللغة، وكم هي تافهة بالنسبة إلى ما رأيته، كلماتي لا تكفي للتعبير»، ويواصل: لا تتقبل الأمور كما هي، اكسر قواعدك الخاصة، فإن كل شيء في العالم فريد من نوعه، اشعر بقيمة ما لديك، امتلك شغفاً، لا تقلل من قيمة فرصك الخاصة، اقرأ واكتشف تذكر أنك ستموت، لكن لا تخف من موتك، تقبل أن معنى الحياة يكمن في الحياة نفسها، فالعالم ليس كما يبدو عليه، العالم كما تراه أنت».

* بطاقة تعريف

إيرلينج كايج مستكشف ومتسلق جبال، وكاتب وناشر ومحام نرويجي، من مواليد عام 1963 وهو أول من يصل إلى القطب الشمالي والجنوبي وقمة جبل إفرست، سيراً على الأقدام، وقد بدأ حياته العملية بالعمل في المحاماة وكان شغوفاً بالمغامرات والأدب، فدرس الفلسفة، وأسس دار نشر في أوسلو، وبدأ في نشر كتب المغامرات، التي سجل فيها رحلاته.

يعد هذا الكتاب من أشهر كتبه، وأكثرها مبيعاً وقراءة، كتبت صحيفة الجارديان عنه أنه من أفضل عشرة كتاب في العالم، بعد صدور كتابه «الصمت في عصر الضوضاء» وقد وصفته نيويورك تايمز بأنه «رجل رائع ومغامر وفيلسوف أو ربما حتى عالم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yyavh8de

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"