عادي
الذكاء الاجتماعي

لا تحزن

23:54 مساء
قراءة 3 دقائق
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه

قال الله تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ». خلقك الله في أحسن تقويم، فلماذا تشوّه مخبرك ومظهرك بالحزن؟ الحزن يدمر جسدك، ويشوش تفكيرك، ويكدر أخلاقك، وقد يحطم علاقاتك بالآخرين..

فديتك لا تأل الحياة تبسما فإنك لم تخلق لغير التبسم

والسمة الظاهرة للمؤمن أنه يكتم أحزانه، ويكون «بِشْرُهُ في وجْهه، وحُزنُهُ في قلبه».

وما هنالك أحد أكثر هماً من خاتم الأنبياء والمرسلين حبيب رب العالمين الذي أرسله الله «لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا». ومع ذلك لم تفارق الابتسامة محياه الشريف في كل أحواله. حتى مع الأعداء وفي مواقف صعبة لا يحتملها أحد؛ تجده يبتسم ويضحك في وجه الخصم، ففي الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي وعليه رداء غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى أثرت في صفحة عنق النبي صلى الله عليه وسلم من شدة جبذته ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فتبسم ثم أمر له بعطاء».

حتى في مرض موته، صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك الموقف العصيب والحال المحزنة والتي يصعب جداً أن ترى شخصاً مبتسماً فيها، إلا عند الرحمة المهداة، صلى الله عليه وسلم.

أتعلم أنك حين تبتسم فإن وجهك يرسل إشارات إلى العقل بأنك سعيد؟ فابتسم لأحزانك تمسح الآلام من نفسك ومن تقابل وتداوي جروح من ترافق، فمصاحبة المبتسمين ترفع قدرتك على تحمل صعوبات الحياة، ومصاحبة العابسين تملؤك همّاً ولو كانت حياتك جميلة.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لأقُولنّ شيئاً يُضحِك النَبي». علَّق الحافظ ابن حجر، رحمه الله، على الحديث فقال:«فيه استحباب مَن رأى صاحبه مهموماً؛ أن يُحدّثه بما يزيل همه، ويطيّب نفسه».

وكما تقابل الناس بأفضل لباس، قابلهم بالابتسامة والانبساط.

والعبوس دليل انغلاق النفس وتكدرها افتح شبابيك الأمل واطرد اليأس واضحك ترى سحر الحياة ابتسامة والناس مرايا يعكسون تعامل الإنسان معهم.. فالإنسان الباسم يجد الابتسام والترحيب والإكرام في كل مكان. أما صاحب الوجه العبوس القمطرير، الذي يكاد الشرار يتطاير من عينيه إذا نظر إلى الناس، فإن هذا بغيض مكروه.. يتحاشى الناس رؤيته.

‏محدن كسب مخلوق بالخاطر الشين ترى مفاتيح القلوب ابتسامة

بعض الناس يستهويه الحزن وليس للابتسامة لمحياهم سبيل كحال الشاعر القائل:

فُجِعَتْ بي زوجَتي حينَ رأتني باسِما

لَطَمتْ كفّاً بِكفٍّ واستَجارتْ بالسَّما.

قُلتُ: لا تنزَعِجي.. إنّي بِخَيرٍ لم يَزَلْ

دائي مُعافى وانكِساري سالِما

اطمئنّي..كُلُّ شيءٍ فيَّ مازالَ كَما..

لمْ أكُنْ أقصِدُ أنْ أبتَسِما

كُنتُ أُجري لِفمي بعضَ التّمارينِ

احتياطاً رُبّما أفرَحُ يوماً.. رُبّما

هذه نظرة تشاؤمية ونحن نقول بل سنفرح هذا ظننا بربنا الكريم ونكون كما قال تعالى: «فرحين بما آتاهم الله من فضله».

‏أقوى الناس هم الذين يبقون الابتسامة حتى وإن كانوا يمرون بأقسى الظروف.

لا تحزن فالحزن المجرد لا يجر إلا الحسرات والويلات، وتعذيب الضمير والنفس وجلب المكدرات..

لا تحزن فحزنك لا يغير من الناموس شيئاً، فالحياة ماضية والدنيا سائرة، وأنت في فلك الكون ذرة دائرة ابتسم للناس واضحك للحياة كل مُر يمر مهما طال فينا إذا حزنت فعلى قلبك، وإن لم تحزن فلنفسك، فانظر ما يصلح ليومك ورمسك لا تحزن وربك الأكرم، ورسولك الأمثل، وقرآنك المهيمن، ونبيك صلى الله عليه وسلم له من ربه القربى والشفاعة. نحن أحق الخلق بالابتسامة لأنا من المؤمنين ومن أمة خير المرسلين، قال ﷲ تعالى‏:«قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4u6rhwza

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"