في ذكرى النكبة

00:36 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

تصادف اليوم الذكرى ال 76 للنكبة الفلسطينية التي قامت على أكذوبة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» تحقيقاً للمشروع الصهيوني الذي تأسس على وعد بلفور عام 1917، وكان من نتيجته واحدة من أكبر النكبات في التاريخ المعاصر، كان ضحيتها الشعب الفلسطيني الذي تعرض إلى التهجير في أربع جهات الأرض، إضافة إلى المذابح وتدمير عشرات القرى، على أيدي عصابات الهاغاناه وأرغون وبيتار وبالماخ وشتيرن، ومن بقي منهم متمسكاً بأرضه لا يزال يعاني فصلاً عنصرياً وقهراً واعتقالاً واعتداءات ومصادرة للأرض، وانتهاكاً لمقدساته ومحاولة لطمس هويته.

النكبة تتواصل اليوم وتأخذ شكلاً جديداً في قطاع غزة والضفة الغربية، من خلال حرب إبادة، واقتلاع وتهجير ومجازر يومية طالت الآلاف، وعمليات تدمير لمدن وقرى ومخيمات ومستشفيات وجامعات ومدارس ومراكز إيواء، في محاولة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية، وإطفاء جذوة المقاومة، وتكريس الوجود الإسرائيلي كأمر واقع، بما يتناقض مع القانون الدولي والشرعية الدولية التي أكدت حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وفي تقرير مصيره، وحق العودة، وقيام دولته المستقلة، وعدم شرعية الاحتلال، وبطلان كل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل، فيما يتعلق بتوسيع الاستيطان ومصادرة الأرض، وانتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتغيير المعالم التاريخية والجغرافية لمدينة القدس.

منذ تأسيس إسرائيل ككيان استيطاني، كان الإرهاب هو السمة الأساسية لمشروعها، بهدف اجتثاث الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، لكنها على مدى ستة وسبعين عاماً، لم تتمكن من تثبيت وجودها، رغم الحروب المتواصلة التي خاضتها ضد الدول العربية، وضد الشعب الفلسطيني، ورغم الدعم الغربي المادي والسياسي والعسكري.

كانت الانتفاضات الفلسطينية المتلاحقة ضد الاحتلال تؤكد أن المشروع الإسرائيلي يواجه مأزقاً وجودياً، وأن حروب الإبادة المتواصلة والدعم الغربي لم يؤديا الهدف المطلوب، وكانت الحرب الحالية على غزة التي دخلت شهرها الثامن بكل وحشيتها، دليلاً على المأزق الإسرائيلي، بأن الأهداف الإسرائيلية لم تتحقق حتى باللجوء إلى القوة الحالية العارية من كل القيم الإنسانية والأخلاقية وحتى المناقبية العسكرية.

على الرغم من الكارثة التي تلحق بالشعب الفلسطيني الآن في قطاع غزة والضفة الغربية، إلا أن ما جرى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول) الماضي شكل مرحلة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، إذ أكد أن المشروع الإسرائيلي يواجه حالة انسداد حتمية، إذ كشف للعالم حقيقة إسرائيل كدولة احتلال تمارس حرب إبادة، تستهدف المدنيين من أطفال ونساء ومسنين، كما عرى كل ادعاءاتها بالديمقراطية، وكشَف أضاليلها في احترام حقوق الإنسان، وصارت دولة منبوذة في نظر الرأي العام العالمي الذي يعبّر عن موقفه المناهض لحرب الإبادة في غزة، والمطالبة بوقفها وبالحرية لفلسطين، من خلال التظاهرات التي لم تتوقف في معظم دول العالم وفي جامعاتها.

كذلك شكل قرار محكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل، ومواقف المنظمات الإنسانية الدولية التي فضحت حجم الجرائم الإسرائيلية، وتصويت الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على انضمام دولة فلسطين إلى المنظمة الدولية تحولاً مهماً في موقف دول العالم، والرأي العام العالمي تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، بما يؤكد أن المشروع الإسرائيلي في أزمة فعلية. لكن ذلك لا يعني أن حقوق الشعب الفلسطيني باتت في متناول اليد، فذلك يتطلب المزيد من الصمود والتضحيات. وعلى القيادات الفلسطينية أن تستغل هذه اللحظة التاريخية، وما تطرحه من تحديات من أجل قيام وحدة وطنية حقيقية تنسجم مع حجم التضحيات العظيمة للشعب الفلسطيني.

قلتكن ذكرى النكبة نقطة تحول على طريق انتصار القضية الفلسطينية، وتحقيق هدف الدولة الفلسطينية المستقلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4hrrvk3k

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"