وزير دفاع لاقتصاد الحرب

00:06 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

روسيا كما كل الدول التي تكون في حالة حرب، تحوّل اقتصادها إلى اقتصاد حرب، أي وضع نظام إنتاج الموارد وتعبئتها وتخصيصها لدعم المجهود الحربي والإنفاق العسكري، من خلال حزمة من القرارات الاقتصادية الطارئة، وفقاً لاحتياجاتها وأوضاعها الداخلية، وطبيعة مواردها ومصادر الإنتاج والدخل لديها.

ولأن الحرب الأوكرانية التي بدأت منذ أكثر من عامين لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات، فإن روسيا عمدت إلى تعبئة مواردها لخدمة أهداف الحرب، ليس لمواجهة القوات الأوكرانية فحسب، وإنما لمواجهة التدخل الغربي العسكري المتزايد في دعم أوكرانيا، واحتمال توسيع رقعة الحرب، بما يتجاوز الخطوط الحالية، ثم لمواجهة حزمة كبيرة من العقوبات الاقتصادية والمالية الغربية التي فرضت عليها.

وجاء تعيين أندريه بيلوسوف وزيراً جديداً للدفاع خلفاً لسيرغي شويغو الذي عين سكرتيراً لمجلس الأمن الروسي، من أجل استكمال الخطط الموضوعة لاقتصاد الحرب، وتعزيز دور المجمع العسكري، باعتباره القاطرة الرئيسية للاقتصاد، وتنسيق نشاط وزارة الدفاع مع جميع الوزارات والمؤسسات، و«انفتاح وزارة الدفاع للعمل مع مراكز البحوث والمشاركين في الأنشطة الاقتصادية ومصنّعي المنتجات، والمكونات التقنية العسكرية اللازمة، لإنتاج المعدات العسكرية»، وفقاً للمهمة التي حددها الرئيس فلاديمير بوتين، الذي وصف بيلوسوف بأنه «أفضل الاقتصاديين في روسيا».

كما في معظم دول العالم، ليس شرطاً أن يكون لوزير الدفاع خلفية عسكرية، فشويغو كان مهندساً مدنياً، لكنه نجح في إعادة «هندسة» الجيش الروسي، وأعاد بناءه وهيكلته على أسس حديثة ومتطورة وعزز دوره بعدما كان يعاني الترهل، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وخصوصاً في عهد بوريس يلتسين. كما أدار بكفاءة فرق الطوارئ التي شكلها في الأقاليم الروسية عام 1994، لمعالجة حالات الطوارئ، إلى أن تم تعيينه وزيراً للدفاع عام 2012، وقاد العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.

بيلوسوف أيضاً لا خلفية عسكرية له، فهو اقتصادي محترف، تخرّج بدرجة علمية في اقتصاديات علم التحكم الآلي، وعمل في إدارة الاقتصاد، ثم عمل وزيراً للاقتصاد، وبعدها أصبح أحد أكبر مساعد اقتصادي لبوتين، وقد لعب دوراً فاعلاً في تحويل روسيا إلى اقتصاد الحرب، ونجح في مهمته بأن مكّن روسيا من تجاوز تداعيات الحرب والعقوبات الغربية، بحيث واصل الاقتصاد الروسي النمو رغم الحرب، فارتفع الناتج المحلي 5.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول، بعد نموه 4.9 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، ويتوقع محللون اقتصاديون زيادة جديدة في النمو على أساس سنوي، كما حافظ الروبل الروسي على قوته مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وخصوصاً الدولار، بعدما تم إلزام مجموعة من الشركات المصدرة في روسيا، بيع جزء من عائدات العملة الأجنبية في بورصة موسكو، ورفع البنك المركزي الروسي سعر الفائدة إلى مستوى 13 في المئة، وهذا يعني أن الغرب فشل في خنق روسيا اقتصادياً، وتمكنت من الصمود في وجه أقسى حصار اقتصادي تعرضت له منذ عام 2014 حتى الآن. بل إن الحرب نقلت الأزمة الاقتصادية من روسيا إلى الدول الغربية.

إن مهمة وزير الدفاع الروسي الجديد، هي مواصلة العمل الحثيث على قيادة اقتصاد الحرب، بما يتلاءم مع التطورات الميدانية على المدى البعيد، وتوفير كل مستلزمات الجيش الروسي من عتاد، لتمكينه من مواصلة الحرب، وتوفير مستوى معيشة مقبول للمواطن الروسي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4cf8b9e4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"