الشارقة: علاء الدين محمود
«الصيف يخلق أجواء مثالية للقراءة، وعلى الرغم أن خطتي للاطّلاع هي ذاتها على مدار العام، لكن الصيف يشكل نوعاً من العزلة المحرضة على الإقبال على المؤلفات»، هكذا تحدث الروائي علي أبو الريش حول برنامجه الصيفي للقراءة، لافتاً إلى أن هنالك عوامل كثيرة في تميز الصيف موسماً مفضلاً للقراءة، يأتي على رأسها أن درجات الحرارة في الخارج، تجعل الناس يلجؤون إلى البقاء في بيوتهم، وصناعة برنامج لهم، ودائما ما تحتل القراءة بالنسبة للكثيرين مكاناً مركزياً في ذلك البرنامج، بخاصة عشاق الأدب والفكر.
ويوضح أبو الريش، أنه يقبل على قراءة المؤلفات الفكرية، والفلسفية، والتاريخية، فذلك أمر مهم للقارئ والكاتب معاً، حيث إن الفلسفة لها سحرها، وهي ضرورية في فهم الأشياءـ وتفسيرهاـ وتحليلها، وربما ذلك ما جعل الكثير من الكتاب الروائيين يهتمون بالاطلاع على الكتابات الفلسفية بمختلف أشكالها وأنواعها.
ويعمل أبو الريش خلال هذا الصيف على التهام ثمرة فلسفية دسمة، المتمثلة في كتاب «منطق ابن خلدون»، للكاتب الراحل علي الوردي، وهو المؤلف الذي يفسر فيه الوردي بعض الجوانب في مقدمة ابن خلدون، ويعرض الكتاب محاور كثيرة عن الفكر الخلدوني، ويبسطها ليفهمها معظم الناس، وكيف تمرّد ابن خلدون على المنطق القديم «المنطق الأرسطي»، وطرح بعض آرائه، وآراء أشهر علماء الاجتماع الحديث عن منطق ابن خلدون.
ويقول أبو الريش، إن الكتاب يقدم إضاءة كبيرة على فكر ابن خلدون، وعلاقته بالمنطق الأرسطي، وهو مهم للباحثين ومحبي الفلسفة، لأن علي الوردي يكشف عن بعض الاختلالات في منطق أرسطو بواسطة قراءة ابن خلدون الذي يقوم منطقه على الشك، وهذا الأمر يشير إلى أن الذي هاجموا ابن خلدون من علماء عصره كانت لهم دوافعهم السياسية، ويركز الكتاب على ذلك الصراع، كما يرصد المؤلف جوانب كثيرة في شخصية ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الذي سبق أوجست كونت، ولا يزال أثره كبيراً في العلم والمعرفة.
أما الكتاب الثاني الذي يضعه أبو الريش في أجندة هذا الصيف، فهو بعنوان «أسرار الحياة»، للفيلسوف الهندي أوشو، وهو كتاب عميق يغوص في أعماق الروح، ويتحدث عن كثير من المفاهيم، مثل الحب، والحرية، والمسؤولية، والتأمل والصمت، والموت، والروح، والفضيلة، ويقول أبو الريش، إن ما لفته في الكتاب أنه يتحدث عن الذات بعيداً عن المظاهر الخارجية، وكيفية اكتساب السعادة بعيداً عن المألوف، فأوشو يقلب المفاهيم والموازين في البحث عن السعادة، لأن الناس دائماً ما يرون أن السعادة تكمن في جمع المال والملذات، بينما يرى أوشو أنها تكمن في التأمل في الذات، فالتعاسة هي مجرد قشرة، بينما السعادة بذرة، وللوصول إلى الأخيرة يلزمك التخلص من الأولى؛ أي القشرة.
وينصح أبو الريش القراء بالإقبال على الاطلاع على هذين الكتابين، لما فيهما من أفكار صالحة للعصر، فابن خلدون هو في الأصل فقيه استطاع أن يوظف أفكاره لمصلحة المجتمع، وكذلك كان لأوشو اسهامه الكبير في كيفية التخلص من الأفكار والعادات السلبية والإقبال على الحياة.
ويؤكد أبو الريش ضرورة الاهتمام بالقراءة بصورة عامة، والصيف فرصة كبيرة لقراءة أكبر عدد من المؤلفات، خاصة أن الزمن قد تغيير كثيراً، ففي السابق كان يصعب على الناس القراءة في موسم الصيف نسبة لعدم وجود المكيفات والإضاءة اللازمة، أما الآن فقد توفرت كل الوسائل والأدوات بحيث صارت القراءة أكثر إمكانية، ومتعة.
وحول الطقوس التي يتبعها في عمليتي الكتابة والقراءة في الصيف، يقول أبو الريش إن لديه عادة ثابتة، وهي التفرغ للقراءة والكتابة منذ الصباح، ودائماً ما يبدأ يومه بقراءة صحيفتي «الخليج»، و«الاتحاد»، ثم يبدأ بكتابة مقال، أو جانب من رواية يشتغل عليها، ليبدأ بعدها في قراءة المؤلفات التي ينتخبها.
