عادي

«التساؤل المقلق».. ما مدى خطورة مشاكل الطائرات على سلامة الرحلات الجوية؟

18:38 مساء
قراءة 4 دقائق
«التساؤل المقلق».. هل تعد مشاكل الطائرات أثناء الرحلات الجوية خطراً كارثياً؟
«التساؤل المقلق».. هل تعد مشاكل الطائرات أثناء الرحلات الجوية خطراً كارثياً؟
إعداد ـ محمد كمال
من دخان المقصورة، إلى انفجار أحد الإطارات، أو تصدع الزجاج الأمامي، تعددت خلال الفترات الأخيرة حوادث الطيران التي سببت قلقاً متزايداً للمسافرين، فضلاً عن آلاف حالات التأخير وإلغاء الرحلات حول العالم، ما دفع خبراء الطيران لكشف مدى تأثير مثل هذه الحوادث الجزئية على سلامة الرحلة الجوية في حال وقوعها.
ويقول خبراء الطيران إن الحوادث والأعطال الأكثر شيوعاً، حتى لو كانت قوية، ليست خطِرة في العادة. وعلى سبيل المثال يعد التسرب الهيدروليكي حدثاً مألوفاً يأخذه الطيارون على محمل الجد، لكنه ليس مزعجاً كما قد يبدو. وذلك لأن الطائرات لديها أنظمة احتياطية لتشغيل معدات الهبوط، والفرامل، ولوحات الأجنحة وأجهزة التحكم في الطيران، ما يسمح للطائرات بالإقلاع والطيران والهبوط.
ـ مدى خطورة الحوادث ـ
كما يشير خبراء الطيران في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، الخميس، إلى أن رصد طائرة تنحرف عن المدرج، فيما يُعرف برحلة المدرج، قد يكون مقطعاً جذاباً وربما تجربة مرعبة لمن هم على متن الطائرة، لكنه لا يسبب بالضرورة ضرراً كبيراً للطائرة أو يهدد سلامة الركاب.
وينطبق الشيء نفسه على مجموعة واسعة من المشاكل الميكانيكية أو مشاكل الصيانة التي يمكن أن تظهر قبل الإقلاع؛ إذ تعد هذه الحوادث مهمة لفهمها ومعالجتها، لكنها غالباً ما تكون بسيطة.
ويقول شون بروشنيكي، وهو طيار سابق وأستاذ مساعد في مركز دراسات الطيران بجامعة ولاية أوهايو: «في بعض الأحيان، قد تؤدي مثل هذه المشكلات إلى إخراج الرحلة عن مسارها أو إخراج الطائرة من الخدمة. ولكن في حالات أخرى، يمكن إصلاحها بسرعة. ولأن الطائرات مملوءة بوسائل الأمان، هناك أوقات يمكن فيها لرحلة فيها نظام معطل أن تستمر بأمان ببساطة عن طريق الاعتماد على نسخة احتياطية واحدة أو أكثر».
وتشير إيمي بريتشيت، الطيارة وأستاذة هندسة الطيران في جامعة ولاية بنسلفانيا، إلى أن الطيران يعد عملاً معقداً يتحدى الجاذبية ويتكرر آلاف المرات كل يوم في نطاق واسع من الظروف، ولذلك لا ينبغي أن يتفاجأ المسافرون عندما تسوء الأمور.
وأوضحت: «ستبدأ المكونات الصغيرة دائماً في الاحتراق أو الانهيار.. ستكون هناك دائماً حفر في الرصيف في الممر تؤدي إلى تصادم شيء ما. هناك دائماً أسئلة حول ما إذا كان الطقس جيداً بما يكفي للطيران، وما إذا كان من الممكن أن تتعرض لمطبات جوية أم لا. كل هذه الأشياء هي مصادر التباين التي تحتاج إلى إدارتها بشكل فعال».
ـ الطيران آمن ـ
وقال الخبراء إن الشيء الآخر الذي يجب على المسافرين أخذه في الاعتبار هو أن مشاكل الطيران الخطِرة نادرة للغاية؛ بل يؤكدون أن الطيران أكثر أماناً من القيادة أو السفر بالقطار، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن السلامة مدمجة في تصميم كل شيء بدءاً من مراقبة الحركة الجوية وحتى الطائرة نفسها. حيث تتمتع الأنظمة والإجراءات المهمة بنسخ احتياطية، ونادراً ما تكون هناك نقاط فشل واحدة، ويتلقى الطيارون تدريباً مكثفاً ومتكرراً، وتستعد شركات الطيران لمجموعة واسعة من النتائج المحتملة».
وقال جون كوكس، وهو طيار سابق يدير شركة استشارات السلامة: «إنها وسيلة النقل الأكثر أماناً التي صممها الإنسان على الإطلاق»، ويضيف تصريحاً طريفاً: «كن حذراً أثناء القيادة إلى المطار».
وعلى مدى العقود العديدة الماضية، تحسنت سلامة الطيران التجاري بشكل كبير، ووفقاً للمجلس الوطني لسلامة النقل في الولايات المتحدة تشمل الأسباب النموذجية للحوادث: الاضطرابات الجوية، والهبوط الصعب، والاصطدامات على الأرض بطائرات أو مركبات أخرى، وفشل المكونات، مثل خلل في رفرف الجناح أو المحرك. لكن يعد الطيران آمناً للغاية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الصناعة تستجيب عموماً لكل مشكلة، حتى تلك التي لا تشكل تهديداً كبيراً، ويجري باستمرار مراقبة ومراجعة مخاطر السفر الجوي.
وقال الخبراء إنه بينما يتم قطع الرحلات في بعض الأحيان، فإن تحويل رحلة من وجهتها يعكس بشكل عام الحذر الواجب من جانب الطيارين وشركات الطيران ومراقبي الحركة الجوية، وليس حالة طوارئ تهدد الحياة، فيما يوضح كينيث بيرنز، الطيار والأستاذ المشارك في قسم التدريب على الطيران بجامعة إمبري ريدل للطيران: «في مثل هذه الحالات هل يمكننا الاستمرار إلى وجهتنا؟.. نعم، لكن هل هذا هو الشيء الأكثر أماناً؟»
ـ على من نلقي باللوم؟ ـ
نظراً لأن الطيران معقد ويعتمد على التكرار، فإنه نادراً ما يكون للمشكلات سبب واحد. وبدلاً من ذلك، فإن المشاكل الأكثر خطورة- حتى الكارثية منها- هي نتيجة لعوامل متعددة. ويقول خبراء الطيران: «لا يوجد دليل قاطع على الإطلاق، إذا جاز التعبير.. فلا يمكن عند مراجعة السجلات القول إننا وجدنا السبب الوحيد لتحطم هذه الطائرة».
وعلى سبيل المثال عند مراجعة الحادثة التي وقعت في أوائل العام الماضي، والتي كادت فيها طائرتان أن تصطدما ببعضهما البعض على مدرج في مطار كينيدي الدولي، وجد المجلس الوطني لسلامة النقل أن عدة عوامل أسهمت في الكارثة التي كادت أن تقع. ووجدت الوكالة أن طياري إحدى الطائرات كانا مشتتين أثناء سيرهما في الممر الخطأ. وفي الوقت نفسه، لم يلاحظ مراقب الحركة الجوية الذي أعطى التعليمات لأن تركيزه كان في مكان آخر. وخلصت الوكالة إلى أن ضوء حالة المدرج تم تفعيله بعد فوات الأوان لتحذير الطيارين من الخطأ.
وقال الخبراء إنه عند التحقيق في مثل هذه الحوادث، فإن إلقاء اللوم ليس بالأمر الصعب فحسب؛ بل إنه أمر معقد بشكل عام. وأضافوا أن «محققي حوادث الطيران مهتمون حقاً بفهم السبب أكثر من إلقاء اللوم لأن المهمة هي التأكد من عدم حدوث ذلك مرة أخرى».
ـ نوعية الطائرات ـ
يشير خبراء الطيران إلى أنه عندما يحدث حادث مؤسف، فمن المهم أخذ بعض النقاط في الاعتبار، فقد يلاحظ أي مراقب عادي، على سبيل المثال، أن العديد من المشكلات يبدو أنها تؤثر في نوعين من الطائرات: طائرات بوينج 737 وإيرباص A320. لكن عائلات الطائرات هذه تشكل أكثر من نصف الطائرات التجارية الموجودة في الخدمة، لذا فهي تنعكس بشكل طبيعي في التغطية الإخبارية.
ويؤكد الخبراء أنه بعد أن تعرضت لوحة جسم طائرة 737 ماكس للتفجير خلال رحلة في يناير/كانون الثاني، خضعت شركة بوينغ لتدقيق مكثف، وكان ذلك محقاً. لكن لمجرد أن طائرة بوينغ تعاني مشكلة ميكانيكية، لا يعني بالضرورة أن ذلك ينطبق على الشركة ككل.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdhh4py4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"