عادي
فرنسا أمام خيار تاريخي في انتخابات تشريعية

سيناريوهات جلها مقلق للرئيس.. هل ينجح «التعايش» بين ماكرون وبارديلا؟

12:26 مساء
قراءة 4 دقائق
سيناريوهات جلها مقلق للرئيس.. هل ينجح «التعايش» بين ماكرون وبارديلا؟

الخليج - متابعات

فتحت مراكز الاقتراع في البر الفرنسي الأحد، للدورة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية قد توصل اليمين المتطرف إلى السلطة بعد أسبوع.

وفتحت مراكز الاقتراع في الساعة 8,00 (6,00 ت غ) غداة بدء عمليات التصويت في أراضي ما وراء البحار الفرنسية السبت، وسط توقعات بوصول نسبة المشاركة إلى 67% من الناخبين المسجلين.

وتستمر عمليات التصويت حتى الساعة 18,00 (16,00 ت غ) وصولاً إلى الساعة 20,00 في المدن الكبرى، على أن تظهر عندها النتائج الأولية لهذا الاستحقاق الذي قد يحدث انقلاباً حقيقياً في المشهد السياسي الفرنسي وسط سيناريوهات جلها مقلق للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، في ظل توقعات بفوز كبير لليمين المتطرف، وهل سينجح سيناريو التعايش بين ماكرون وبارديلا؟

  • سيناريو غير مسبوق

ويحظى حزب التجمع الوطني ممثلاً برئيسه جوردان بارديلا (28 عاماً) ب34 إلى 37% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، ما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق مع حصوله على غالبية نسبية أو مطلقة بعد الدورة الثانية في السابع من تموز/يوليو.

الصورة

وتشير استطلاعات الرأي التي ينبغي النظر إليها بحذر من شدة ما يبقى الوضع ضبابياً، إلى أن التجمع الوطني يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي يجمع ما بين 27,5 و29% من نوايا الأصوات، والغالبية الرئاسية الحالية من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21%.

وفي حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تحكم فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف.

  • زلزال سياسي

وأحدث الرئيس إيمانويل ماكرون زلزالاً سياسياً حقيقياً في التاسع من حزيران/يونيو حين أعلن فور تبين فشل تكتله في انتخابات البرلمان الأوروبي، حلّ الجمعية الوطنية، في رهان محفوف بالمخاطر كان له وقع الصدمة في فرنسا والخارج.

وبالرغم من تبايناته الداخلية، نجح اليسار خلال الأيام التالية في بناء ائتلاف.

الصورة

لكن الخلافات بين «فرنسا الأبيّة» اليسارية الراديكالية وشركائها الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين، ولا سيما حول شخص زعيمها جان لوك ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهرت مجدداً وغالباً ما ألقت بظلّها على حملة التكتل.

وفي هذه الأثناء، واصل التجمع الوطني الزخم في حملة ركّزها على القدرة الشرائية وموضوع الهجرة، من غير أن تتأثّر لا بالغموض حول طرحه إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي أقره ماكرون، ولا بالسجال الذي أثارته طروحاته حول مزدوجي الجنسية ولا بالتصريحات الجدلية الصادرة عن مرشحين من صفوفه.

  • حملة خاطفة

لكن هل يخالف الفرنسيون توقعات استطلاعات الرأي في ختام حملة خاطفة لم تستمر سوى ثلاثة أسابيع؟

يعمّ انفعال كبير البلاد، ومن المتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات مرتفعة، وقد تصل إلى نحو 67% من أصل نحو 49 مليون ناخب مسجّل، بزيادة كبيرة عن نسبة 47,51% المسجلة في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية عام 2022.

وسجل أكثر من 2,6 مليون طلب تصويت بالوكالة منذ العاشر من حزيران/يونيو بحسب وزارة الداخلية، وهو عدد يفوق بأربع مرات العدد خلال فترة مماثلة قبل سنتين.

وباشر الفرنسيون في أراضي ما وراء البحار والمقيمون في القارة الأمريكية التصويت منذ السبت، مسجلين مشاركة أعلى بكثير من قبل، ومعبرين في غالب الأحيان عن إحساس بجديّة الوضع.

  • رهان جوهري

وبلغت نسبة المشاركة ظهر الأحد بالتوقيت المحلي في كاليدونيا الجديدة 32,4% من الناخبين المسجّلين، بزيادة عشرين نقطة عن نسبة 13,06% المسجلة في 2022، وسط توتر شديد في الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ بعد أعمال شغب شهدها إثر التصويت في باريس على إصلاح للنظام الانتخابي رفضه الانفصاليون.

وقالت كاساندر كازو الممرضة التي حضرت للإدلاء بصوتها فور انتهاء خدمتها الليلية «سيكون الأمر حاسماً للبلاد، يجب أن يكون هناك إقبال، لا أدري إن كان الجميع سيلعب اللعبة ويصوت»، مؤكدة «ولدت هنا» و«أعتبر نفسي كاليدونيّة».

كما سجلت مشاركة قوية عند الظهر بالتوقيت المحلي في بولينيزيا، بلغت 18% مقابل 15,8% في 2022.

ورأت مالكة ب. البالغة 21 عاماً والتي التقتها وكالة فرانس برس في جزيرة غوادولوب في الأنتيل، أن «الرهان جوهري» خلال «انتخابات قد تقلب كل شيء».

الصورة

من جهته، لفت أنطوان ريكا (34 عاماً) لدى الإدلاء بصوته في مونتريال في كندا إلى أن «خيارات بلد تؤثر أيضاً في البلدان الأخرى، وخصوصاً في هذه الانتخابات. أعتقد أنه من المهم للغاية الإدلاء بأصواتنا والقيام بخطوة مدنية».

غير أنه قد يكون من الصعب استخلاص العبر من الدورة الأولى من كثرة ما تبقى رهناً بعوامل غير محسومة.

وفي طليعة هذه العوامل الارتفاع الكبير المرتقب في عدد الدوائر التي سيتأهل فيها ثلاثة مرشحين للدورة الثانية، وعدد المرشحين الذين سينسحبون خلال فترة ما بين الدورتين، في حين تراجع على مرّ السنوات الاندفاع إلى تشكيل «جبهة جمهورية» تقف بوجه اليمين المتطرف.

  • ضغوط على ماكرون

ويواجه معسكر الغالبية الرئاسية الحالية أكبر قدر من الضغوط، بعدما انتخب ماكرون رئيساً في 2017 و2022 متحصّناً بضرورة تشكيل حاجز أمام اليمين المتطرف.

ووعد الخميس ب«بوضوح تام» في تعليمات التصويت للدورة الثانية في حال المنازلة بين الجبهة الوطنية واليسار، لكنه كان حتى الآن يبدي ميلاً بالأحرى إلى نهج «لا للجبهة الشعبية ولا لفرنسا الأبية» الذي يقابَل بتنديد من اليسار وانتقادات حتى داخل تكتله.

ومن المقرر أن يجمع ظهر الاثنين رئيس الوزراء غابريال أتال وأعضاء حكومته في قصر الإليزيه لبحث مسألة انسحاب مرشحين والاستراتيجية الواجب اعتمادها بوجه التجمع الوطني.

وتجري هذه الانتخابات بعد سنتين لم يكن خلالهما للتكتل الرئاسي سوى غالبية نسبية في الجمعية الوطنية، ما أرغم الماكرونيين على البحث عن حلفاء كلّما أرادوا طرح نصّ، أو حتى استخدام بند في الدستور سمح لهم بتمرير الميزانيات وإصلاح النظام التقاعدي بدون عمليات تصويت.

  • سيناريو التعايش

ومع فوز التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية بحصوله على 31,4% من الأصوات مقابل 14,6% للمعسكر الماكروني، تسارعت الأحداث دافعة الرئيس إلى اتخاذ خيارات تضعه أمام سيناريو «تعايش» مع بارديلا.

وعرفت فرنسا في تاريخها الحديث ثلاث فترات من التعايش بين رئيس وحكومة من توجهات مختلفة، في عهد فرنسوا ميتران (1986-1988 و1993-1995) وفي عهد جاك شيراك (1997-2002).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ukzv7wdn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"