عادي

قصر النظر تشويش لرؤية البعيد

22:19 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

يُصنف قصر النظر أو حسر البصر من المشكلات الشائعة التي تصيب العيون، وتشويش لرؤية البعيد وأحد عيوب الانكسار حيث يتركز الضوء عند دخوله إلى العين أمام الشبكية بدلاً من تركزه عليها، ما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية، وتظهر الأعراض عادة أثناء مرحلتي الطفولة والمراهقة وتكون الأشياء القريبة واضحة وحادة، بينما تبدو الأشياء البعيدة ضبابية، وتعتبر هذه الحالة من الأمراض المتوارثة بين أفراد الأسرة، وعلى الأغلب يتطور قصر النظر في مرحلة الطفولة أو المراهقة ويستمر في التفاقم مع نمو العين حتى أوائل العشرينات من العمر، إلا أنه قد يحدث في أي عمر، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.

يقول د.ربيع هلال جراح العيون والقرنية وأخطاء الانكسار، إن قصر النظر يعد من المشكلات الشائعة التي تستهدف على الأكثر الأطفال في سن المدرسة، وتزداد فرص حدوث المرض لدى الذين لديهم عوامل وراثية من أحد الوالدين أو كلاهما، وفي حالة الإصابة بقصر النظر، تصبح العين أطول من المعتاد من الأمام إلى الخلف (الطول المحوري)، أو عندما تكون القرنية (النافذة الشفافة في الجزء الأمامي من العين)، منحنية بشكل حاد للغاية.

ويتم تشخيص هذه الحالة أثناء فحص العين العام، من خلال اختبار حدة البصر، لقياس الرؤية على مسافات مختلفة، واختبار الانكسار لتحديد الوصفة الطبية الدقيقة للنظارات الطبية، وفحص المصباح لتقييم بنية العين بحثاً عن أي تشوهات.

يبين د.هلال أن أعراض قصر النظر عادة بين سن 6 و14 عاماً، ويؤثر في حوالي 5% من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، وحوالي 9% من الصغار في سن المدرسة، و30% من المراهقين، وتشير الأبحاث إلى عدم وجود صلة مباشرة مثبتة بين الأطفال الذين يقضون وقتاً أطول في الداخل في الانخراط في أنشطة قريبة التركيز (مثل العمل على الكمبيوتر أو القراءة) وارتفاع معدلات قصر النظر مقارنة بأولئك الذين يقضون وقتاً أطول في الخارج، كما ترتبط هذه المشكلة بالعمل القريب المطول والمكثف خلال مرحلة الطفولة والمراهقة، كما يؤدي فرك العين بشكل متكرر إلى تفاقم وتطور الحالة للأسوأ.

  • عوامل مؤثرة

يشير د.محمد عماد عليلو أخصائي طب وجراحة العيون، إلى أن أعراض الإصابة بقصر النظر، يرافقه تشويش الرؤية للبعيد، وعلى الأغلب يلاحظ الوالدين جلوس الطفل قريباً من شاشة التلفاز أو يضطر إلى تقريب الأجفان بهدف تصغير فتحة الجفن لكي يستطيع الرؤية، وفي بعض الأحيان لا يستطيع أن يقرأ الكتابة على السبورة، أو يقترب منها لاستكمال وظائفه المدرسية، ولذلك يجب مراجعة طبيب العيون وعمل الفحوص اللازمة لتشخيص الحالة، ومعرفة المقدار الدقيق لحسر البصر، ووصف النظارة المناسبة، وأظهرت الدراسات الإحصائية الحديثة أن هناك بعض العوامل المؤثرة تنتج عنها الإصابة، وتتمثل أبرزها في العامل الوراثي من أحد الوالدين أو كلاهما، لكن لا يوجد نمط وراثي واضح لهذا الانتقال؛ إذ يُعتقد بأنه يخضع لنمط الوراثة متعدد الجينات، والتي تسهم العوامل البيئية ونمط الحياة في تشجيع ظهور الإصابة أو العكس.

ويتابع: أُجريت أبحاث عديدة على مختلف أنماط الأغدية وتوصلت إلى أن الأطعمة التي تحتوي على مستويات عالية من الشحوم المشبعة كالوجبات السريعة، تكون مسؤولة عن زيادة القطر الأمامي الخلفي للعين، وبالتالي ظهور وتفاقم قصر النظر، وتُعد نسبة شيوع هذه المشكلة أكبر لدى الصغار ذوي مستوى الذكاء المرتفع، وأيضاً عند أطفال المدن أكثر من الذين يعيشون في الأرياف، وقد أدمنت ساعات في القراءة المديدة واستخدام الأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة، إلا أنه لم يثبت إحصائياً علاقة هذه العوامل بظهور حسر البصر أو تطوره.

يذكر د.عليلو أن قصر النظر هو أن تكون قوة الأوساط الكاسرة للعين زائدة عن الطبيعي، ما يؤدي إلى خلل في انكسار الضوء أثناء مروره داخل العين، وبالتالي يتشكل خيال الأجسام المرئية أمام الشبكية، ويصنف إلى:

  • قصر النظر البسيط الأكثر شيوعاً بنسبة 95%، يكون على الأغلب أقل من ست درجات، وتبدأ أعراضه في الظهور في سنوات الطفولة الأخيرة، ويزداد بشكل طفيف، ومتدرج ليبلغ حالة الثبات البصري في بداية العشرينات من العمر، وفي حالات قليلة يستمر بالتطور حتى بداية الثلاثينات.
  • قصر النظر الخبيث الذي يظهر منذ الطفولة المبكرة، ويتزايد بشكل سريع ليصل لأرقام عالية عند سن البلوغ، ويكون أكثر من ست درجات، ويتميز بأنه يترافق بتغيرات مرضية في بنية العين نفسها، مثل كبر حجم العين، ترقق الشبكية وأحياناً حدوث ثقوب في محيط الشبكية، لذا يُنصح الأشخاص المصابين بهذا النوع بالمتابعة المستمرة لطبيب العيون.

يلفت د.عليلو إلى أن الوقاية من الإصابة بقصر النظر تعتمد على الفحص المبكر لجميع الأطفال عند بلوغهم سن الرابعة، حيث إن العلاج في هذه المرحلة له أهمية قصوى لضمان حدوث تطور طبيعي للجهاز العصبي المسؤول عن الرؤية؛ إذ إن حاسة البصر تكون موجودة بشكل بدائي عند الولادة وتتطور بشكل تدريجي خلال السنوات الأولى من العمر، وتجدر الإشارة إلى أن استمرار الحالة دون تصحيح فإنها تصبح دائمة، وتسبب نقصاً في حدة الإبصار عن الحد الطبيعي عند البلوغ، ويصعب علاجها.

ويضيف: المعالجة في سن الطفولة تتمثل في استعمال النظارات الطبية بشكل أساسي، مع الفحص الدوري كل ستة أشهر، ويمكن الاعتماد على العدسات اللاصقة لدى اليافعين أو الشباب، لكنها تتطلب العناية الجيدة، والانتباه إلى مخاطرها ومحاذيرها، ويبقى العلاج الجراحي كخيار أخير عندما يبلغ الشخص سن العشرين، وبعد إثبات استقرار حسر البصر، يمكن أن يخضع لعمليات تصحيح البصر بالليزر بأنواعها المختلفة، أما في الحالات العالية، فينصح بإجراء عمليات زراعة أنواع خاصة من العدسات داخل العين لتصحيح البصر.

  • حالة مرتبطة بالشيخوخة

يوضح د.عماد بدوي أخصائي طب العيون، أن قصر البصر الشيخوخي، يحدث عادةً مع التقدم في العمر، بداية من سن ال 40 أو ال 44 عاماً، وفي هذه الحالة لا تتمكن عدسة العين من التكيف مع الرؤية البعيدة أو القصيرة كما كانت خلال سن ال 20 أو ال 30، وتكون الأشياء البعيدة واضحة أما الأشياء القريبة فتبدو ضبابية، وبالتالي يواجه المريض صعوبة في رؤية الأشياء القريبة مثل: الهاتف النقال أو الكتاب أو الكومبيوتر وغيرها من الأشياء الأجهزة التي نستخدمها في حياتنا اليومية، ما يضطر الكثير من الأشخاص لوضع نظارات طبية.

ويضيف: تتمثل أعراض قصر النظر الشيخوخي في صعوبة أداء المهام اليومية، ما يؤثر في جودة الحياة بصفة عامة، وعدم القدرة على قيادة السيارة، إضافة إلى الشعور بالإرهاق والتعب والثقل حوالي العينين وفي حالات كثيرة يشعر الشخص بالصداع عند القراءة أو أثناء استخدام الأجهزة اللوحية.

يلفت د.بدوي إلى أن قصر البصر الشيخوخي لا يمكن الوقاية منه، ولذلك يجب الحرص على إجراء فحوص العين بصورة دورية وعيش نمط حياة صحي والإقلاع عن التدخين وضبط مستوى السكر في الدم والضغط، والالتزام بوضع النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة لو كانت موصوفة من قبل الطبيب، وننصح أيضاً بوضع نظارة شمسية أثناء الخروج خلال فترة النهار للحماية من أشعة الشمس القوية.

ويتابع: يمكن التعايش مع قصر النظر الشيخوخي وتقليل الصداع الناجم عنه، عن طريق تكبير حجم الخط أثناء القراءة أو العمل على الحاسوب والأجهزة الإلكترونية، وأخذ فترات راحة أطول بين من فترة لأخرى، وضبط مستوى الإضاءة في الغرفة، ومراجعة الطبيب بشكل دوري.

يؤكد د.بدوي أن علاج قصر البصر الشيخوخي يتمثل في ارتداء نظارات القراءة، وهناك أنواع كثيرة لتلك النظارات، من بينها النظارة أحادية البؤرة للأشخاص الذين يعانون طول النظر الشيخوخي بعد إتمام سن ال 40، وعدسات ثنائية البؤرة وثلاثية البؤرة يحددها الطبيب للمريض بعد إجراء التشخيص المناسب لحالته، كما يمكن استخدام العدسات اللاصقة لتغني المريض عن وضع نظارات القراءة، وهناك أيضاً الخيار الجراحي الذي يتضمن نزع عدسة العين في حال بدء تشكل المياه البيضاء فيها ومن ثم زراعة عدسة جديدة داخل العين والتي قد تكون أحادية البؤرة أو متعددة البؤر والتي يحددها الطبيب المعالج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3cv9eyy3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"