صيّاد القطا

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما أن الكثير من الكتّاب والشعراء المصريين والعرب ينتظرون ما يمكن أن يقوله أحمد عبد المعطي حجازي الذي احتفى به بيت الشعر العربي في القاهرة، أمس، في مناسبة بلوغه التسعين، لا بل إن هناك الكثير مما ينبغي أن يقوله صاحب «مدينة بلا قلب»، وهو الآن في ذروة العمر الذي أمضاه في كتابة عدد ليس بالكبير من المجموعات الشعرية، لكنها كانت كافية بالنسبة إليه على الأقل لأن يكون رقماً محسوباً له الحساب في مصر.

حجازي لم يكتب قصيدة النثر، وله موقف ثقافي وأدبي واضح تماماً تجاهها وتجاه كتّابها، فهو قال إن قصيدة النثر خرساء، وأكثر من ذلك ذهب إلى القول إن أغلب كتابها لا يجيدون العربية، الأمر الذي حشد عليه مواقف رافضة لرأيه من جانب شعراء النثر في مصر إلى درجة السخط على الشاعر الذي يعتبر في مصر واحداً من أهم رموز الحداثة الشعرية.

هل التقى شعراء قصيدة النثر مع الشاعر التسعيني في القاهرة، أمس؟ وهل جرى فتح بعض ملفات مواقف شاعر هو واحد من الأسماء الرمزية والحيوية في جيل الستينات في مصر وفي الوطن العربي، وقد بنى حول نفسه هالة شعرية يراها البعض أكبر من حقيقة التجربة الأدبية لحجازي الذي خرج من مصر في الثمانينات، وعاش في فرنسا أستاذاً في بعض جامعاتها؟ وهي مرحلة جديرة بالتوقف عندها الآن بهذه المناسبة لكونها تتصل بقصة القطيعة المعروفة بينه وبين أدونيس إلى حدّ العداوة، وذلك في نحو العام 1985، لكن، وبترتيب من وزير الثقافة المغربي آنذاك محمد بن عيسى في العام 1987، تصالح الشاعران بحضور الوزير في بيت الرسام المصري بهجوري، وانتهت بذلك واحدة من الخصومات الكبرى بين الشعراء، وإذّاك كان حجازي وأدونيس في الخمسين من العمر.

حكاية العداوة، إن أمكن القول، بين الشاعرين التسعينيين الآن قد تكون مناسبة للمقارنة السريعة بينهما من حيث بعض المواقف الثقافية والقيمة الأدبية لكل منهما، ومنذ البداية، سيبدو الفرق كبيراً بين الشاعرين من حيث الإنتاج والتراكم الأدبي، إذ يجلس أدونيس على أكثر من خمسين كتاباً في الشعر والنثر والفكر والنقد، وهو تراث متعدد الآفاق والمرجعيات، وظل خطاً أدبياً متواصل الحركة إلى اليوم، فيما وقف حجازي عند مراحل شعرية بعينها، واكتفى بالقليل من نار الشعر، في الوقت الذي ظل فيه أدونيس يسرق هذه النار.

هناك الكثير مما يكتب في تسعينية الرجل الذي خرج من بلاده ليصطاد القطا، ولكنه خرج ولم يعد، كما يقول في إحدى قصائده، فهل يعلن حجازي في بيت الشعر العربي في القاهرة أنه عاد إلى الشعر وهو في التسعين؟ ذلك أمر من الصعب تماماً أن يحدث عملياً، إلّا، إذا كانت هناك مفاجأة من نوع آخر، كأن يكون حجازي طوال هذه السنوات المديدة الماضية يكتب ولا ينشر.. كان يصطاد القطا مثلاً، ويحبسه في قفص، وآن له الآن حرية الطيران الشعري، حتى في التسعين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/w7zfs5k7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"