عادي

أبو الدراما الذي مات بطريقة أكثر درامية

20:12 مساء
قراءة دقيقتين
تمثال نصفي لإسخيلوس

الشارقة: علاء الدين محمود

قدم الأديب والمسرحي اليوناني إسخيلوس «525 ق.م -456 ق.م.» الكثير من الأعمال الإبداعية الخالدة، ومنذ وقت باكر من حياته انصرف نحو كتابة المسرحيات، وكلها ذات مضمون درامي ومأسوي، أما حبكاتها فهي، إما مقتبسة من الأسطورة وإما من التاريخ اليوناني، ويقال إنه أول من استخدم المؤثرات والديكورات في أعماله المسرحية مثل الأثاث، والملابس، وأقنعة الجوقات الغنائية، والحيوانات الخرافية، وغيرها، وقد حمل لقب «أبو الدراما»، نسبة لذلك الإسهام الكبير في المسرح.

اشتهر إسخيلوس بكونه من مؤسسي اللون التراجيدي في الأدب اليوناني، بل ويعتبر مؤسسه الفعلي بالمعنى الفني، حيث يعد واحداً من أقدم ثلاث كتاب مسرح يونانيين وهم سوفوكليس واوريبيدس، وكتب العديد من المسرحيات التي جسدت التاريخ اليوناني، ويقدر عددها بنحو سبعين مسرحية،لم يصلنا منها سوى سبع مسرحيات، ومن أشهر أعماله التي خلدت: «المتوسلون»، و«السبعة ضد طيبة»، وثلاثية «أورستيا»، التي تضمّ «أغاممنون»، «الضارعات»، وإسخيلوس مبدع لنوع جديد من العرض نسج على منواله الكثيرون من المسرحيين بعده.

ويقال إن إسخيلوس قد أضفى على المأساة جلالاً، وأوغل في معالجة الموضوعات الوجودية، مثل مشكلة وجود الشر، ومن الواضح أن مسرحياته كانت تحمل الأفكار والرؤى الفلسفية، وتتصف بالصراحة والرزانة وتسودها مسحة غنائية متشحة بالتشاؤم الذي يتكشف تدريجياً من خلال تطور الصراع، لذلك فإن النهايات في مسرحياته دائماً تحمل توقيع العقاب الذي هو الحدث الرئيسي في المسرحية، وهو شديد مخيف يتخذ صورة طقوس محفوفة بكثير من الأسرار والغرائبيات.

كانت وفاة إسخيلوس في حد ذاتها غريبة، احتشدت في لحظة موته كل الفنون التي برع فيها وطبقها في المسرح، من تراجيديا ومفارقة وعبث، لقد كان موتاً درامياً يشبه سيرة أبو الدراما، ونهاية قريبة من تلك التي يضعها لمسرحياته، فبينما كان جالساً في جزيرة صقلية، إذ بنسر ضخم يحلق في الأفق يحمل بين مخالبه سلحفاة، أسقطها على رأس إسخيلوس وقتله، ليدفن في تلك البقعة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xp5jkec

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"