تأثير هورندال

21:50 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي
للتعامل مع جانب «عدم القابلية للتجزئة»، عاد محللون اقتصاديون «إلى موضوع» المؤثرات الخارجية، «تماماً كما فعل» ألفريد مارشال منذ خمسة وسبعين عاماً مضت. فعن طريق التعلم بالممارسة، كان من الممكن التفكير في المعرفة المكتسبة على أنها تتحقق عن طريق الصدفة كنتيجة ثانوية للإنتاج، وهي لا تختلف في ذلك عن أي امتداد بدون تعويض للإنتاج، الضوء المنبعث من المنارة أو الإذاعة، على سبيل المثال، وقد كان العالم يعمل وفقاً لتلك الطريقة على ما يبدو.

فقد وجدت الشركات التي تعمل في مجال بناء السفن والطائرات أن الإنتاج السنوي لكل عامل تزايد بطريقة ثابتة لمدة خمسة عشر عاماً، دون الحاجة إلى أي استثمار إضافي. (سمي هذا الأمر تأثير هورندال The Horndal Effect، وذلك على اسم مصنع الحديد والصلب السويدي الذي لوحظت فيه تلك الظاهرة).

ورأى عالم الاقتصاد «لوكاس»، أن معظم ما نعرفه تعلمناه من ناس آخرين. فحتى ندفع الرسوم الدراسية لقليل من أولئك المعلمين، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، عن طريق قبول مستويات أقل من المصاريف، حتى نستطيع أن نبقى إلى جوارهم، ولكننا نحصل على معظم التعليم مجاناً، وعادة بطرق متبادلة، دون التفريق بين الطالب والمعلم. وتمت إجابته عن ذلك بالفعل بالقول «إنك فقط تعتقد أنك تحصل على ذلك مجاناً». إن المبادلات غير الرسمية في شكل «العلاقات»، وصفت تقريباً تلك التفاعلات الأكثر أهمية التي تحدث في القسم، مواعيد الغداء والحوارات التي تتم في المكاتب، والتعاون والتوصيات وما إلى ذلك. ومن المؤكد أن ورش العمل والمناقشات التي تتم في الفصول الدراسية والحوارات التي تحدث على منضدة الغداء تولّد انتشاراً أصيلاً. وإذا ما قمت بمشاهدة الأروقة، ستستطيع أن ترى من كان يتناول طعامه مع مَن؛ فعلى الأقل كان هذا النوع من التعليم يتم مجاناً. ولكن ماذا تستطيع أن تحقق نتيجة كونك جزءاً من الحوارات الخاصة وقت الغداء؟».

إن حقيقة العمل الذي كان يتم في قسم الاقتصاد، وتقريباً في كل مكان آخر في العالم، كان نظاماً من اختيار من يقوم بالعمل مع الآخر؛ وهو النظام الذي يمكن وصفه بطريقة أفضل، من خلال المنافسة الاحتكارية، بدلاً من التبادل المجهول البعيد عن الاحتكاكات. فقد سعى كل طالب وكل أستاذ إلى تمييز منتجه في سوق العمل، وإلى إقامة دعوى بأن لديه شيئاً مميزاً إضافياً؛ وذلك حتى يتسنى له أن يتبادل مع الآخرين بشروط أكثر ملاءمة (أن يجمع الريع)، ليصبح أكثر ذكاء، وليقرأ بصورة أكثر انتشاراً، وأكثر هوادة، وأكثر تعاوناً، شيئاً ما أو أي شيء؛ لإعطاء المالك هوية وقدراً. في بعض الأحيان لا يكون هناك شيء أكثر تعقيداً من الأمر الجيد، والذي عادة ما يعد العملة في هذا السياق. وفي أحيان أخرى يكون أساس الموضوع هو توقع مكاسب المستقبل اللانهائية. وقد وصف توم ولف في روايته «نار من الغرور»، حالة «البنك المفضل»، وهو نوع من التجارة غير الرسمية، والنظام المحاسبي الذي عمل لسنوات طويلة، بشكل قريب بصورة كبيرة من اختيار الكتاب المفضل وهدايا الزواج، وفي بعض الأحيان لا يتعدى الأمر بيع السلعة عن طريق (كنت أعرف والدك). حيث كتب «ولف» الإيداع في البنك المفضل ليس تبادلاً عادلاً، إنه ادخار من أجل اليوم الأسود.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/33uyp4h3

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"