عادي

«المعجم التاريخي للغة العربية»... بوصلة الباحثين إلى المعرفة

14:03 مساء
قراءة دقيقتين
«المعجم التاريخي للغة العربية»... بوصلة الباحثين إلى المعرفة

هل تساءلنا يوماً عن أصل الكلمات التي نستخدمها يومياً؟ وكيف انتقلت إلينا عبر الزمن؟ وما هي الصلة التي تربط لغتنا العربية بلغات أخرى قد تبدو مختلفة تماماً عن لغتنا؟ الإجابة تكمن في أعماق المعجم التّاريخي للغة العربية، هذا الكنز اللغوي الضخم الذي يمثل بوصلة لكل باحث وقارئ، ويفتح أمامه آفاقاً جديدة لفهم تاريخ الحضارات والشعوب، ومن خلاله تقود الشّرقة جهود مجامع اللغة العربية لتقديمه للأمة العربية والعالم، بعد أن صدر منه 67 مجلداً في متناول القرّاء على موقع رسمي مفتوح للجميع.
المعجم التاريخي للغة العربية أكثر من مجرد قاموس؛ إذ هو بوابة واسعة إلى عالم من المعرفة، ومن خلاله يمكن تتبع جذور لغتنا العربية واكتشاف تراثها، بما يعزز من فهمنا للحضارات الإنسانية. ويمكن للقراء بمختلف ثقافاتهم وتنوع مشاربهم الاستفادة من المحتوى العلمي للمعجم وذلك من خلال محاور عديدة منها:
*شجرة
لا تقتصر شجرة العائلة على البشر فحسب، بل تمتد لتشمل الكلمات أيضاً؛ فالمعجم خريطة تفصيلية، يكشف لنا علاقات القرابة بين الكلمات العربية ونظائرها في اللغات السامية الأخرى مثل الآرامية والعبرية والسريانية وغيرها. فمثلًا، كلمة «توأم» العربية، بحسب المعجم، تجد صداها في اللغة الأكادية بمعنى «المولود مع غيره في بطن واحد»، وفي الآرامية «تيوما»، والعبرية «تئوم»، والسريانية «تأاما»، ما يؤكد عمق الجذور المشتركة لهذه اللغات وتاريخها العريق.
*رصد
يكشف لنا المعجم عن رحلة الكلمات عبر الزمن، متتبّعاً ميلاد كل لفظ وتطور معانيه. فمثلًا، كلمة «راتب» التي ارتبطت في ذهننا بأجر العامل، لم تكن تحمل هذا المعنى في العصور الأولى؛ إذ يشير المعجم إلى أنّ استخدامها بهذا المعنى بدأ في العصر العباسي، كما في نص للمعتضد بالله، وبالمثل، تأتي كلمة «مدير» التي نربطها بالإدارة اليوم، وكانت تحمل معنى مختلفاً تماماً في العصر الإسلامي، وتشير إلى التاجر الذي تدور البضاعة في يده على مدار العام. ومن خلال هذه الأمثلة، يتضح لنا أهمية المعجم في فهم تطور اللغة العربية عبر العصور.
*كنوز
يمثل المعجم منجماً للكنوز التراثية والمعرفية؛ إذ يحوي بين دفتيه تاريخ الحضارة العربية وآدابها، فهو لا يقتصر على تسجيل الكلمات ومعانيها، بل يغوص في أعماق النصوص الأدبية والشعرية، فيكشف لنا عن كم هائل من الصور النثرية والشعرية التي تزخر بها لغتنا، ما يجعل منه مرجعاً لكل باحث في التراث العربي وآدابه.
يمكّن المعجم التاريخي للغة العربية الباحث من التمييز بين الألفاظ العربية الأصلية والألفاظ التي دخلت اللغة من لغات أخرى؛ إذ يوضح ماهية الألفاظ المولَّدة، وهي التي نطق بها من لم يحتج بكلامهم ممن نشؤوا بعد القرن الثاني في الأمصار، أو بعد القرن الرابع في الجزيرة، ما لم يأت عن العرب الأولين، مثل لفظ: «الدَّرْدَشَة»، والألفاظ المعرَّبة، وهي الأعجمية التي نطقت بها العرب على منهاجها وأخضعتها لقياسها، مثل «لجام» و«جص»، والألفاظ الدخيلة، وهي كل لفظ أعجمي استعصى على النظام اللغوي العربي، مثل «إستبرق»، والألفاظ المحدثة المعاصرة، مثل «المحضر» و«الخطوط الجوية». هذا التمييز بين الأنواع المختلفة للألفاظ يساعدنا على فهم تأثر العربية باللغات الأخرى، ما يؤكد ثراءها وتفاعلها مع محيطها الجغرافي وخارجه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2zrsyu79

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"