للفساد أوجه عدّة

21:35 مساء
قراءة دقيقتين

لويس حبيقة*

كي ينتج الإنسان بنجاح لا بد من توافر عوامل متعددة. من الأمثلة الكبيرة عملية إنتاج طائرة البوينغ 747 التي تؤشر الى نجاحات مدهشة في التصميم والهندسة والتكنولوجيا كما الإنتاج. أنتجت شركة بوينغ 1574 طائرة من هذا النوع قبل أن تتوقف بسبب عوامل الاستهلاك والربحية تبعاً لتطور الاقتصاد العالمي. كما كان لبوينغ نجاحات كبيرة، كان هنالك فشل في مشاريع عامة خاصة تلك المرتبطة بالبنية التحتية. هنالك وقائع بشأن تلك المشاريع التي تلزم من قبل القطاع العام لشركة أو أكثر من القطاع الخاص.
معظم تلك المشاريع العامة يلزم عبر مناقصات «شفافة» علنية، يحصل عليها من يعطي السعر الأدنى. تكمن المشكلة في أن الرابح يعطي في معظم الأحيان سعراً منخفضاً لا يمكنه الالتزام به بعلم الطرفين. هنا يبدأ الصراع في زيادة السعر في منتصف الطريق بالاتفاق بين القطاع العام والشركة المكلفة بالتنفيذ تدخل ضمنها جميع معايير الفساد والضغوط السياسية والمادية كما واقع غياب الضمائر.
تشير الإحصاءات الى أن 0,5% فقط من المشاريع العامة التي تلزم عبر مناقصات تنفذ بصدق وضمن المعايير المتفق عليها سابقاً والتي تكون موجودة في دفتر الشروط. نصف بالمئة من المشاريع العامة ينفذ ضمن الوقت ويعطي الفوائد والمنافع المنتظرة. هذه كارثة عالمية موجودة للأسف في كل الدول. يقول المنطق إن من يتحمل أي مسؤولية عليه أن يقوم بها بضمير ونزاهة وضمن معايير العلم والمهنية والالتزام بالتنفيذ ضمن الوقت والتكلفة المحددة. للأسف لا يحصل ذلك في 99.5% من المشاريع العامة بالتضامن والتوافق بين الفرقاء.
هنالك مشكلتان مرتبطتان بما يحصل في تلك المشاريع أي مشكلة نفسية وأخرى سياسية. في النفسية وفي طبيعة الإنسان، هنالك دائماً تفاؤل في ما يخص تنفيذ المشاريع وبالتالي يأمل المشاركون تحقيق أفضل النتائج علماً بأن احتمال ذلك ضئيل جداً. ليس هنالك دائماً سوء نية بل عموماً أمل غير واقعي في تحقيق الأفضل. في العامل السياسي، هنالك تحايل على القوانين سببه غياب الضمائر كما الحاجة الى رشوة مئات المشاركين أو العاملين في القطاعين العام والخاص الذين ينتظرون حالات من هذا النوع لسرقة أموال دافعي الضرائب.
يواجه المواطن ليس فقط مشاكل مباشرة مرتبطة بمعيشته ومستقبل أولاده، وإنما أيضاً سرقة عامة منظمة تأكل قسماً مهماً من الضرائب. من ناحية المناخ لا بد من الانتقال التدريجي الى مجموعة طاقات نظيفة مما يخفف الضغط على المناخ والعوامل السلبية المؤثرة في السلامة. مشكلة المناخ أنه لا يمكن إلغاء ما حصل أو السير باتجاه معاكس بل يمكن تخفيف مسيرة الإساءة الى المناخ. أما الحرب الأوكرانية المستمرة فضررها تخطى كل التوقعات من ناحيتي الأسعار والاستثمارات مما فرض تعديل كل السياسات المالية للمواجهة وتخفيف الأضرار. هذه الحرب ربما لن تنتهي الا بوقف إطلاق نار، أي لا خاسر ولا رابح وهذا لن يحصل قبل أن يشعر الفريقان بأن الطريق مسدودة نهائياً.
*كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/v72kwz6t

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"