الشطرنج يتعولم في أبوظبي

01:40 صباحا
قراءة دقيقتين

..على قدر أهل العزم تأتي العزائم ليست بلاغة شعرية فقط، بل هي أيضاً حقيقة ثقافية عالمية في الإمارات..
النسخة الثلاثون من مهرجان أبوظبي الدولي للشطرنج تنتظم في العاصمة الإماراتية حتى الخامس والعشرين من أغسطس الجاري، والتظاهرة عالمية بكل معنى الكلمة: 2200 لاعب من 82 دولة في الإمارات، يلتقون على ثقافة عقلية فكرية أساسها الذكاء البشري الفطري والسريع، وكما يقولون سرعة البديهة، وصفاء الذهن، واختبار عقل الإنسان على رقعة رياضية، بمعنيين:.. معنى رياضة العقل ، ومعنى رياضة المعادلات والمنطق الذي يفرضه الشطرنج..
لا نعرف كثيراً في هذه اللعبة التي تتجاوز معنى اللعب إلى معنى التفكير، رغم المحاولات العديدة للاقتراب من رقعة المربعات السوداء والبيضاء التي ترمز شعرياً إلى أنه لا مجال للخطأ، ولا مجال للّف والدوران، ولا مجال للكذب والتزييف، والخداع. إنها، إذاً، لعبة أخلاقية أيضاً، لعبة يحترمها حتى الذي لا يلعبها ولا يجيدها.
مهرجان أبوظبي الدولي للشطرنج مهرجان ثقافة، تلتقي فيه الأجيال البشرية من الطفولة الى الكهولة، وسوف تتوقف وحدك عند عمر الإنسان الذي يلعب الشطرنج منذ بدء عود حياته الطري الى أن يصل إلى عقله الناضج المكتمل.
مهرجان الشطرنج في الإمارات أيضاً، مناسبة تدفع القارئ للتعرّف الى تاريخ وفلسفة وروايات الشطرنج. إنه عالم يشبه عوالم الأساطير والمحيطات والجغرافيات والماء والهواء. ثقافة أنيقة رفيعة انتبهت إليها مؤسسات الدولة منذ عقود.
الإمارات، كما قال عارف حمد العواني، الأمين العام لمجلس أبوظبي الرياضي، على أعتاب حدث تاريخي يتمثل في فوزها بشرف تنظيم أولمبياد الشطرنج لعام 2028 .
هذه المكانية الإماراتية في ثقافة الشطرنج هي في حدّ ذاتها شرح علمي واقعي لاهتمام العرب بالفكر وحيوية العقل وروح الإنسان الباحثة دائماً عن الانتصار على الجهل.
العالم كلّه اليوم في شكل من الأشكال رقعة شطرنج، لكن أجمل ما فيه الباقي من الشعر.. شعر الشطرنج.
تلك كانت لعبة امرئ القيس، حين لاعب طفلةً عربيةً، وتراجعت خيله أو ترادفت، غير أن اللافت هنا في حكاية شطرنج امرئ القيس أنه كان يلاعب طفلة، وأياً كانت تلك الطفلة في معناها الشخصي، فهي تعرف الشطرنج، وتفوز على الشعر، الذي هو أيضاً فن الرياضة والروح والعقل.
الشطرنج لعب تحدٍ، وتنافس، وبطولية عقلية وشكل من أشكال قراءة الإنسان من داخله، ومن كيفيات ردود أفعاله، واستقباله للآخر الذي أمامه وجهاً لوجه في ما يشبه الحوار الهادئ الصامت.
الشطرنج لعبة حضارات ورياضيات، إنها مجتمع مدني عالمي يتعولم على رقعة فكر، لا على رقعة صراع واقتتال، في محيط من السلام والصداقة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4sjzfwh6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"