إلى لقاء يزداد جمالاً

كلمات
04:48 صباحا
قراءة دقيقتين

يغلق معرض كتاب الشارقة أبوابه بعد أيام كان فيها الكتاب فاتحة برامج نوعية تنقلت بين محطات إنسانية، تنوعت في مجالاتها الثقافية الفكرية الإنسانية، وملأت الأبعاد الممتدة من حولنا ضجيجاً متناغماً عشقه القاصي والداني، المقيم والزائر، الكبير والصغير، وكان لكل منهم نصيب من الاغتراف من نهر لم يتوقف منذ 31 عاماً، يتطور مجراه وتتسع ضفافه كي تستوعب المتعطشين للتعرف من جديد للعالم الذي لم يعد بوسعه سوى أن يكون جديداً كل يوم، ومعبأ بعلامات الاستفهام التي ما ينفك لغز إحداها حتى تتوالد علامات أخرى قد يصعب حصرها . إن عالم الكتب إن كنا نملك أسلوب الدخول إليه عبر الاختيارات المناسبة وتحليل محتوى الغلافين والاستئناس الفكري والوجداني بلحظة القراءة، يسهم في أن نفهم ما يجري من تحولات في عالمنا، أو حتى بعض ما يجري حسب ملكات كل منا الإدراكية، أياً كانت هذه التحولات بما فيها النفسية الخاصة بتوترات الذات وصراعاتها التي تشكلها العلاقة مع التغييرات التي تتتابع من دون هوادة . هذا إلى جانب أحداث العالم السياسية المعقدة، والحياة الواسعة بما فيها من قضايا اجتماعية وفكرية وهموم في الاقتصاد والتربية والتعليم .

إن الكتاب أو لنقل إن القراءة ذلك المفتاح السحري للمعرفة أبعد من مجرد تلقي المادة المقروءة وتخزينها في الأفكار، وبالضرورة الاقتناع بها أو عدمه، بل إنها امتداد يؤسس القارئ عليه ثقافته الخاصة ومعرفته النوعية، ويبني بهذه المعرفة شخصيته واستقلاليته وربما موهبته التي تليق باسمه ويصبح وحده إذا اتبع شروط القراءة الصحيحة صاحب مشروع خاص به أياً كان ثقافياً أو اقتصادياً .

لقد أتاح معرض كتاب الشارقة هذا العام جانباً مهماً من التفاعل مع الثقافة . تفاعل الإنسان بأرقى ما وهب مخلوق وهو الفكر، لذلك لم تقف لغة المتحاورين حائلاً دون أن يفهم متحاور متحاوراً آخر من لغة أخرى سواء على منابر الفكر أو بين ردهات المعرض أو أمام وسائل الإعلام المختلفة، فالثقافة كانت اللغة الموحدة بين الجميع لهذا كان الفهم متاحاً حتى مع عدم وجود أجهزة الترجمة كما في الردهات . ومن روائع المعرض تنظيمه الذي جاء على مستوى شهد رواده بوضوح تطوره وجمالية التنوع فيه مما جعله أكثر اتساعاً من كونه أرففاً لعرض الكتب، فهذه الأرفف أوجدت حالة من الحراك الممتع باتجاه ثقافة هي بنفسها متحركة تتنقل بين واحة للفكر ومقهى للثقافة وملتقى للحوار ومعرض لمخطوطات نادرة ومواقع إعلامية ومسرح وتعارف بين الثقافات .

ومع انغلاق أبواب المعرض اليوم يبدأ الحلم بالمعرض المقبل بإذن الله في انتظار المشتاقين لواحتهم التي تنساب فيها عذوبة المكان والكتاب والإنسان في لقاء نعتبره بحق من أحلى اللقاءات الثقافية الفكرية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"