حكم الاعتصامات في الإسلام

04:08 صباحا
قراءة دقيقتين
عندما يتحدث الفقهاء عن المحرمات في الإسلام، يقسمونها إلى محرمات بحكم المقاصد، ومحرمات بحكم الوسائل والذرائع .
- فالمحرمات بحكم المقاصد كتحريم الشرك بالله سبحانه وتعالى، وتحريم الربا والزنا وشرب الخمر والقتل العمد وغيرها .
- والمحرمات بحكم الوسائل والذرائع كثيرة، كالنظر إلى الأجنبية الذي سمي في الشرع ببريد الزنا، وكمصافحة الأجنبية التي تؤدي إلى اللقاء المحرم، وقد عبر شوقي عن ذلك فقال:
نظرة فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلقاء
بمعنى أن المصافحة أو النظرة لم تكن من أصلها محرمة، لكنها، تؤدي إلى المحرم، والقاعدة الفقهية تقول: "ما أدى إلى الحرام فهو حرام" ولقد ذكر ابن القيم لتحريم الذرائع تسعة وتسعين مثالاً من الكتاب والسنة .
- وإذا أردنا أن نعرف حكم الاعتصامات في الشرع، فلا بد أن ننظر إليها من ناحيتين:
1- الاعتصام بدعة من حيث فعله، لأنه لا أصل له في الشرع، فالشرع عندما أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، لم يشرع لنا الاعتصام كمرحلة من مراحل تغيير المنكر، ثم إنه محرم من حيث المقاصد .
2- لو نظرنا إلى الهدف من الاعتصام وما يترتب على الاعتصام، لوجدنا أن المفاسد أكبر من المصالح، بل المصالح غير مضمونة، لأن المعتصم يجازف، فربما يصيب وربما يخطئ ويخيب، والقاعدة الفقهية تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" .
- من أجل ذلك فإن اللجنة الدائمة للفتوى بالسعودية المؤلفة من مشايخ من دول مختلفة، أصدرت فتواها تحت رقم (19936) بتحريم الاعتصامات .
- ونقرأ في الفتوى رقم (1402) الصادرة من دار الافتاء الليبية ما يلي:
1- التظاهر والاعتصام من حيث المبدأ حق مشروع، لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن لا بد من ضبطه بما لا يؤدي إلى مفسدة أعظم من المفسدة التي خرج من أجلها الناس .
2- إذا قلنا بجوازه فلا بد أن يكون بالمظهر الحضاري اللائق، فلا يجوز الاعتصامات المسلحة، ولا يصح فرض المطالب على المسؤولين بالإكراه، لأن ذلك يعد خروجاً على ولاة الأمر بالسلاح .
3- لا يجوز الاعتصام بقفل الطرقات، وشل المؤسسات الخدمية والحيوية مما يعتمد عليها الناس في حياتهم، لأن الأمر بالمعروف لا يعني ارتكاب مفسدة أعظم .
4- الموظف الذي يشارك في الاعتصام غير المشروع في أثناء الدوام الرسمي لا حق له في أخذ الراتب عن أيام اعتصامه، لأنه عمل في ما يضر بالمصلحة العامة .
- وبناء على هذا فإن ما يحدث اليوم في بعض البلدان العربية والإسلامية، محض تقليد ولا أصل له في الشرع، وكم من المؤسف أن نرى من يدعي الإسلام والإصلاح، ثم يقوم بتحريض الشارع على القتل والحرق والتخريب والعصيان المدني والبقاء في الشارع لأسابيع بحجة أنه يدعو الحكومة إلى الإصلاح .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"