طريق التربية

فكرة
03:21 صباحا
قراءة دقيقتين
محمدو لحبيب

يحمل مصطلح الأدب العربي شحنة أخلاقية واضحة، إذا ما نظرنا لمفهوم كلمة الأدب وارتباطها بالتربية الصالحة التي نريدها لأنفسنا ولمجتمعاتنا العربية، لذلك يعتبر الأدب العربي كمادة من مواد المنهج التعليمي المطبق في مدارسنا العربية، الأكثر ارتباطاً بالهدف التربوي الأعلى الذي توضع أصلاً من أجله كل المقررات المدرسية، وهو تكوين مواطن صالح وقادر على الأخذ والعطاء داخل مجتمعه بشكل يخدم التنمية.
ولتلك الأهمية التي تكتسيها مادة الأدب العربي، علينا دائماً أن نضيء على مناهجها المطبقة كواشف النقد والتمحيص بغية تجاوز العديد من الأخطاء التي تصاحب اختيار النصوص التي تُدرس في تلك المادة، وطرق تدريسها، في مختلف مراحل العملية التعليمية.
لا مراء أن الأدب العربي كمادة لن تستطيع أن تمارس وظيفتها التربوية الآنفة الذكر ما لم تكن قريبة من التلاميذ والطلاب في كل المراحل الدراسية، لا بد من أن يكون هناك عشق لتلك المادة، ورغبة في الخوض في مساحات الخيال الرائعة التي تفتحها عبر القصة، والرواية والشعر وقواعد اللغة العربية والبلاغة والعروض والمحسنات البديعية وغير ذلك.
ولن يبقى شيء في الذاكرة أكثر رسوخاً من صورة معلم درسك، حبب إليك تلك المادة، وجعلك تنطلق معها بسلاسة، وأذكر أن مدرسي في الصف الثاني الإعدادي في إحدى ثانويات موريتانيا، كان يتجاوز المنهج وأساليبه المنصوص عليها، حين يحول الحصة إلى تمرين في الكتابة والتعبير عن النفس، ولفهمنا للنصوص المقررة، ثم يعالج من خلال ذلك أخطاءنا النحوية واللغوية، فتصبح الحصة ممتعة، وأكثر ارتباطاً بنا.
ما يحدث للأسف في معظم مدارس الوطن العربي أن أمثال ذلك المُدرِس استثناء وقلة، فغالبية المدرسين لتلك المادة ينفرون الدارسين منها بدل أن يحببوهم فيها، إنهم يركزون على القواعد اللغوية، وهو ما يجعل الطالب أو المتعلم يشعر بثقل كبير في التعامل مع مادة الأدب العربي، ويشعر بقيود لا حصر لها تكبله.
والأفدح والأكثر إعاقة للهدف الأعلى من تدريس الأدب العربي، هو أن غالبية النصوص الشعرية التي تُدرس للطلاب من التراث العربي هي نصوص لا تشجع على القيم الأخلاقية من قبيل الصدق، والوضوح، والعفة وغير ذلك.
لن ينكر أي منكر شعرية المتنبي وبشار بن برد وأبو تمام وأبو نواس وأبو العتاهية، وعروة بن الورد وامرئ القيس والنابغة الذبياني، لكن النصوص التي تُختار لهم من قبل واضعي المنهج في مادة الأدب العربي، تكرس ثقافة المديح المبالغ فيه إلى درجة الكذب، كما تعكس نمطاً من الارتزاق باسم الإبداع، وهو ما يحجم صورة المبدع، ويجعل إبداعه يفقد قيمته الإنسانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"