علاقة الجنسية بالدين

02:41 صباحا
قراءة 3 دقائق
الجنسية في اللغة العربية مشتقة من الجنس وهو الأصل والنوع، وقد يكون الجنس أعم من النوع، فالحيوان مثلاً جنس والإنسان نوع .
- وفي اصطلاح القانونيين: الجنسية هي الصفة التي تلحق بالشخص من جهة انتسابه لشعب أو أمة، أو هي علاقة قانونية تربط فرداً معيناً بدولة معينة قد تكون أصلية وقد تكون مكتسبة .
- فإذا قلنا: إن الدولة الفلانية جنّست فلاناً، فإن ذلك يعني أنها أعطته جنسيتها، فجعلت حالته مثل حالة أي فرد من أفراد شعبها .
- وهكذا يمكن أن يقال عن جنسية الشخص الإسلامية، وهي تلك الصفة التي تلحق به من جهة انتسابه للشعب الإسلامي أو الأمة الإسلامية .
- وبما أن الجنسية علاقة قانونية، فإنها قد تكون رابطة بين الفرد والدولة، ولا تكون رابطة بين الفرد والأمة، وذلك إذا اختلفت فكرة الأمة عن فكرة الدولة .
- وفي الفقه الإسلامي تعرف الدولة بدار الإسلام، وعناصر الدولة هي الشعب والإقليم والسلطة، إذاً فكل من ينتسب إلى دار الإسلام هو من رعايا تلك الدولة من حيث الحقوق والواجبات والالتزامات .
فكلمة مسلم في دار الإسلام تعني الجنسية، لذلك كانوا قديماً يقسمون البلاد إلى دار إسلام ودار حرب .
-وهذا التقسيم العادل من الفقهاء أعطى مرونة في الحكم، فالإسلام رغم كونه ديناً عالمياً وأنه عقيدة وشريعة، إلا أنه لا يجبر العالم بأجمعه على يكون مسلماً بالقوة، قال الله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" . . (الآية رقم 256 من سورة البقرة) .
وقال تعالى في آية أخرى: "لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، (الآية رقم 99 من سورة يونس) .
- من أجل ذلك فإن أحكام الإسلام تطبق على جزء من العالم الذي أطلقنا عليه دار الإسلام، ولا تطبق على الجزء الآخر الذي سميناه بدار الحرب، وقد فهم علماء العصر الحديث من هذا التقسيم مشروعية الحدود السياسية بين الدول "راجع جنسية المرأة المتزوجة في القانون الدولي الخاص والفقه الإسلامي للدكتور مصطفى محمد الباز ص1 - 55" .
- وآية كآية: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"، (الآية رقم 29 من سورة التوبة) .
- هذه الآية يفهم منها أن الإسلام يقر الجنسية، ولذلك يقول ابن القيم في "زاد المعاد ج3 ص 160": "فاستقر أمر الكفار معه صلى الله عليه وسلم بعد نزول سورة براءة على ثلاثة أقسام: محاربين له، وأهل عهد، وأهل ذمة .
ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام فصاروا معه قسمين محاربين له وأهل ذمة، والمحاربون له خائفون منه فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام: مسلم مؤمن به، ومسالم له آمن، وخائف محارب" .
- ومن هذا التقسيم يفهم أن المسلمين وأهل الذمة يحملون جنسية دار الإسلام، فالمسلمون جنسيهم أصلية، وأهل الذمة جنسيتهم بالتبعية، والقسم الثالث ينتمون إلى دار الحرب فهم من رعاياها، وعلى هذا فإن منح الجنسية في الإسلام مرتبط إما بالإسلام كعقيدة وإما بالإسلام كشريعة .
- ويفهم من النصوص أيضاً أن الجنسية في الإسلام تعتمد على الدين بالدرجة الأولى، وليس على اللغة العربية ولا على التاريخ، بدليل أن الأمة الإسلامية تتكون ممن يتكلمون العربية ومن غيرهم، فالإسلام ساوى بين عمار وسلمان وبلال .
- بل أكثر من ذلك فالصحابي الجليل سلمان الفارسي سئل عن أصله وأهله، فقال "أنا ابن الإسلام"، فقال عليه الصلاة والسلام: "سلمان منا أهل البيت" .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "ليس منا من دعا إلى عصبية"، (رواه مسلم وأبو داوود) .
وقبل ذلك كله نرى القرآن الكريم أقر مبدأ الجنسية حسب الرباط العقدي فقال: "إنما المؤمنون إخوة"، (الآية 10 من سورة الحجرات) .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"