يوم في تاريخنا المجيد

00:05 صباحا
قراءة 4 دقائق

محمد خليفة

أنعم الله تعالى على شعب الإمارات بدولة كريمة شفوقة رحيمة عادلة، أخذت بيده ورفعته إلى أعلى القمم في وقت قصير من عمر الزمن، وليس ذلك إلا نتيجة جهود كبيرة قام بها المؤسسون، رحمة الله تعالى عليهم.

لقد آلمتهم رؤية شعوبهم أشتاتاً متفرقين، قبل قيام دولة الاتحاد، فعقدوا النية وأضمروا الهمّة على التوحد والانطلاق نحو غد أفضل، وكان الثامن عشر من يوليو(تموز) عام 1971، موعداً فاصلاً في تاريخ الإمارات، ففي ذلك اليوم الميمون اجتمع المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع إخوانه المؤسسين، ووقّعوا «وثيقة الاتحاد» ووضعوا دستور دولة الإمارات، وأعلنوا فيه طبيعة نظام الحكم الاتحادي، والاسم الرسمي للدولة الناشئة باسم دولة الإمارات العربية المتحدة. بعدها تم رفع علم الدولة في قصر الضيافة بدبي الذي يعرف اليوم باسم «بيت الاتحاد». وكان هذا الاجتماع الخطوة الرئيسية في تأسيس دولة الاتحاد في 2 ديسمبر(كانون الأول) من ذلك العام.

كان فجر الراحل الشيخ زايد، رجل الدولة والمرحلة، قد بدأ بالظهور لإعداد خريطة الوطن دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي إحدى الخطوات التوحيدية الكبرى في التاريخ العربي. ولعل الكاريزما التي يتمتع بها كقائد ورجل مبادرات، تمكن الشيخ زايد، رحمه الله، من جمع قلوب وعقول أبناء الوطن على هدف واحد نبيل جعلهم يقهرون ظروف الزمان والمكان، ويسعون لإرساء قواعد وأسس راسخة لهذا البنيان الشامخ، من مرحلة البناء الأولى إلى تأسيس هياكل الدولة. وشهدت الإمارات دورات متتالية، فقد أعلنت نظام الوزارات والقرارات التي تنتقل بهذا الكيان من الأعراف والتشكيلات الصغيرة إلى الدولة بمؤسساتها المتعددة والمختلفة، وتدعيم كوادر الدولة بالطاقات البشرية، فقد جاء تسارع بناء المدارس والمعاهد كتمهيد لبناء الكليات والجامعات، وهي الخطوة الأهم في الاعتماد على القوى البشرية الوطنية المدربة ذات الكفاءة.

وتتويجاً لهذه المناسبة المباركة، وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، باعتماد الثامن عشر من شهر يوليو(تموز) من كل عام «يوم عهد الاتحاد»، وذلك احتفاءً بالاجتماع التاريخي الذي عقد في ذلك اليوم. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: إن «يوم عهد الاتحاد» مناسبة نستذكر خلالها محطات المسيرة المباركة لوطننا، ونستلهم منها الدروس والعبر للحاضر والمستقبل، ونجدد العهد مع الله تعالى، ثم أنفسنا وشعبنا، في اليوم الذي وضع فيه زايد وإخوانه ميثاق الاتحاد، أن تظل راية دولة الإمارات خفاقة، وتبقى وحدتنا السياج الحامي لمسيرتنا.

لا يخفى على القاصي والداني، والمحب والكاره، حجم الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات منذ بدء الاتحاد المبارك، فقد سار البناء في خطين متوازيين: أفقي، استهدف كل إمارات ومناطق الدولة، وعمودي، استهدف بناء الطرق والجسور والمطارات والموانئ والأسواق والمستشفيات، وسوى ذلك من أنواع البنى التحتية المختلفة، كما تم التركيز على بناء الإنسان، فتم افتتاح المدارس والجامعات حتى أصبحت دولة الإمارات في مصافّ الدول المتقدمة في تصنيف التعليم عالمياً، كما تشهد بذلك المؤسسات الدولية. ليس هذا فحسب، بل سابقت دولة الإمارات الزمن وأصبحت من الدول القلائل في العالم التي لها مشروع فضائي لاستكشاف الكوكب الأحمر؛ فتم إرسال مسبار إلى كوكب المريخ، وهو يستكشف هذا الكوكب في كل لحظة، ويزود المحطة الأرضية بالمعلومات المهمة، والتي تخدم مسيرة العلم في استكشاف هذا الكوكب.

أما في الجانب الاقتصادي، فقد حققت دولة الإمارات المعجزة، وأصبحت قوة اقتصادية إقليمية كبرى، وإحدى القوى الناشئة على مستوى العالم، وقد استحقت عن جدارة العضوية في مجموعة «بريكس» التي تمثل في الوقت الحاضر اثنين وأربعين في المئة من سكان المعمورة، وتسهم في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يتراوح ما بين خمسة وعشرين في المئة و25% و29%، ويستحوذ أيضاً على أكثر من 16% من حجم التجارة العالمية، ويشكل انضمام دولة الإمارات إلى هذه المجموعة، ترجمة فعلية لما يدعو له ثاني «المبادئ الخمسين» من مبادئ دولة الإمارات، والتي تنص على ضرورة التركيز على«بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، والعمل على بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية».

لقد أضحت دولة الإمارات اليوم محطّ إعجاب الجميع، بل لقد أصبحت قبلة الراغبين من مختلف دول العالم في العمل والعيش والاستثمار والسياحة وغيرها من المجالات، لما تنعم به من أمن ورخاء، وما تسهم به من أعمال إنسانية، فهي إحدى أهم الدول المانحة، لم تقصّر يوماً، منذ نشأتها وحتى اليوم، في واجباتها تجاه أشقائها وأصدقائها أو غيرهم في مختلف مناطق المعمورة، فحبّ الخير صفة متأصلة في الوجدان الإماراتي، ونحن على درب الآباء المؤسسين سائرون ومقتدون بقيادتنا الحكيمة التي تقودنا نحو التقدم والنجاح.

المنجزات كبيرة وهائلة على قدر القيادة والوطن والمواطن، وهي خيارنا في الحاضر والمستقبل لنا وللأجيال القادمة، من أجل ذلك تتضافر الجهود الوطنية جميعها لرفعة راية الوطن في كل محفل. حفظ الله قيادتنا الحكيمة، وعاشت دولة الإمارات العربية المتحدة عزيزة كريمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p6rh64j

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"