زميل متنكر أم عدو خفي؟

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

في لحظة مألوفة، تجد نفسك تحدق في السقف بلا حراك، صامت كتمثال حجري، والتلفاز يطنطن على وقع بعض البرامج المعاد عرضها، حتى إحضار كوب من الماء يبدو كرحلة شاقة نحو قمة جبل إيفرست، جميعنا مررنا بهذا الشعور، حيث وقعنا في براثن ذاك العدو اللدود «الملل».

ولكن انتظر قليلاً، قبل أن تضغط على زر الغفوة في رحلة حياتك، دعنا نعيد صياغة هذا الموقف برمته. ماذا لو لم يكن الملل عدواً خفياً؛ بل زميلاً متنكراً في الفريق؟

نحيا في عالم يمطرنا بالمحفزات تباعاً، فنشعر كأن أدمغتنا أشبه بإسفنجة مستهلكة، تعجز عن امتصاص أي جديد. هنا يأتي دور الملل، ليكون ملاذاً لعقولنا كما يفعل النوم الجيد. إنه فرصة لإعادة شحن طاقتك، وإعادة اكتشاف شرارة الإبداع المختبئة في مكان ما.

ولكن إليك الفكرة: يحتاج الملل إلى القليل من العناية والرعاية لكي يلمع حقاً. إذن، كيف يمكنك تحويل هذا الزئير الممل إلى محرك لاكتشاف الذات؟ دعنا نتخلى عن كتيبات التعليمات ونغوص في بعض الحيل الواقعية.

احتضن الهدوء، وتخلص من هاتفك. نعم، هذا هو سحر الملل بعصر الملهيات. خصص بعض الوقت بلا شاشات، ولا مشتتات، فقط أنت وأفكارك. من يدري، قد تعثر على فكرة رائعة أو ببساطة تعيد اكتشاف متعة عدم القيام بأي شيء.

ابدأ محادثة مع نفسك، بدلاً من الاستهلاك السلبي للمحتوى، التفت إلى الداخل. أمسك قلماً وورقة، ثم ابدأ بتدوين يومياتك. اكتب أفكارك وأحلامك وإحباطاتك. قد تكتشف شغفاً خفياً، أو تكتسب ببساطة فهماً أفضل لنفسك.

انفض الغبار عن تلك الهواية المنسية. هل تتذكر ذلك الكتاب المهجور في الزاوية، أو تلك الرسمة التي لم تنهها بعد؟ الآن هو الوقت المثالي لمنحهم فرصة ثانية.

لا تستهن بقوة التواصل الإنساني، فأحياناً يكمن علاج الملل في مشاركته مع شخص آخر. تواصل مع صديق، وشاركه حديثاً. ستدهش من قدرة محادثة بسيطة على إثارة أفكار جديدة وخلق جو من الفكاهة. من يدري، قد يكون صديقك هو قطعة اللغز المفقودة لتحويل لحظة مملة إلى مغامرة ملحمية.

لا أزعم أن الملل سيصبح صديقك المقرب، لكن بالنظر إليه كفرصة لا كعقاب، ستطلق العنان لإمكاناته الخفية. فهو فرصة لإعادة الشحن، والتواصل مع الذات، وربما حتى إعادة اكتشاف الشخص الرائع الذي يحدق بك في المرآة. لذا، في المرة المقبلة التي يطرق فيها الملل بابك، لا تغلق الباب بوجهه. ادعه للدخول، واصنع له كوباً من الشاي، وانظر إلى أين تأخذك المغامرة. قد تفاجأ بالأشياء الرائعة التي سيقدمها لك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc7v547f

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"