هل صحيح أن النخلة عمة الإنسان

02:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ
النخلة شجرة ذكرت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وتناولها الشعراء في أشعارهم، وهي لا شك أن لها شأناً عظيماً.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟
فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي (أي نفس ابن عمر) أنها النخلة، قال عبدالله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها، فقال عليه الصلاة والسلام: هي النخلة، قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا].
نعم.. النخلة وجدت في الحضارات الأولى القديمة قبل 5000 سنة على الأقل، والتمر يشكل أهم مصدر غذائي في المناطق الصحراوية في العالم، وله أهمية خاصة عند المسلمين، وقد قال عليه الصلاة والسلام: [من تصبح كل يوم بسبع تمرات لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر] (رواه البخاري).
النخلة يؤكل ثمرها رطباً ويابساً، ويستخدم جذعها وأوراقها كمواد للبناء، وتستعمل أوراقها في صناعة السلال والحصير، وألياف النخلة تستخدم في صنع الحبال، ونواتها تستخدم كطعام للبهائم ويمكن أن تستخدم كوقود.
فهي إذن مصدر للغذاء والكساء ومواد البناء، عاش عليها آباؤنا وأجدادنا وما زلنا نعيش نحن على رطبها في الصيف وتمرها في الشتاء، ودولة الإمارات العربية المتحدة اليوم توجد فيها أكثر من 40 مليون نخلة، وقد حظيت النخلة باهتمام من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله تعالى.
وأما قول بعضهم: إن النخلة عمة الإنسان فهو إشارة إلى الحديث الذي افتتح به أبوحاتم السجستاني كتابه «النخلة» حيث يقول عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم وليس شيء من الشجر يلقح غيرها].
هذا الحديث يتداوله الناس لكن علماء الحديث مثل ابن حبان والعقيلي وابن عدي وابن الجوزي والألباني أوردوه ضمن الأحاديث الموضوعة، ويقول ابن عساكر: الحديث مروي عن عروة بن رويم عن علي بن أبي طالب ومعروف أن عروة لم يدرك علياً فكيف روى عنه؟
وقد قال ابن حجر عن عروة بأنه من صغار التابعين.
أقول: وإننا إذ أردنا أن نرفع من شأن النخلة فلا حاجة لنا إلى الكذب والوضوع، بل يكفينا أن نستشهد بما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن النخلة كحديث: رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا عائشة بيت ليس فيه تمر جياع أهله] (رواه أحمد) ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم التمر واللبن بأنهما الأطيبان، ويقول العلماء بأن التمر فيه ست وأربعون مادة غذائية، وخمس وسبعون في المئة من وزنه المأكول مادة سكرية، ويحتوي على مواد بروتينية ودهنية، وفيه ستة فيتامينات أساسية، وثمانية معادن أساسية، وفيه اثنا عشر حمضاً أمينياً ومواد ملينة ومواد مهدئة.
إذا علمنا بأن النخلة ذكرها القرآن الكريم في عشرين موضعاً صراحة غير الآيات التي ذكرت فيها بصفة من صفاتها، جزمنا بأننا لسنا في حاجة إلى الأحاديث المكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى في تمجيد النخلة: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها..} (الآيتان 24-25 من سورة إبراهيم). وفي النخلة يكمن الإعجاز الإلهي، حيث إن رطبها كان طعاماً ودواء للسيدة مريم ابنة عمران لما أحست بآلام الوضع والمخاض قال تعالى: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً، فكلي واشربي وقري عينا...} (الآيتان 25-26 من سورة مريم) فيالها من شجرة عظيمة عبر التاريخ.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"