سلطان يصل رحم الثقافة

عود ثقاب
03:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي
تألقت الثقافة في السنوات الأخيرة كما لم تتألق من قبل، وبدأت ثمارها تصل إلى ذائقة كبيرة من البشر، وأصبح التعاطي معها يأخذ جانب التقارب والقرب، فقد دخلت الثقافة بجميع أشكالها في نسيج المجتمع، لتشكل جزءاً مهماً من هاجس الإنسان اليومي، لإيمانه بأنها ملاذ آمن من الرتابة وشظف العيش، فهي الهروب إلى الجمال والطمأنينة والصفاء، وهي السلاح الذي يثبت يوماً بعد آخر أنه فعال ومقاوم في وجه جيوش جرارة من المعاول التي تحاول تضليل الفكر وتهميشه وتسطيحه، ليعيد الأمية إلى البشر، ومن خلالها تتم السيطرة على الأوطان بسهولة ويسر، فالجهل سلاح يستخدمه المعتدي لنشره بين المجتمعات، وكأنه أفيون يعطل قدرات البشر عن العطاء والخلق والابتكار .
ومن المعطيات الكثيرة والأحداث والتجارب التي عاشتها الإنسانية، انتبهت الدول إلى أهمية الاعتناء بالثقافة والمعرفة وما يرتبط بهما من آداب وفنون وتراث ومخترعات وغيرها، ففتحت لذلك المنابر الكثيرة، وسهلت للمبدعين الوسائل التي تجعلهم يمارسون إبداعهم بحرية وأمان، من أجل أن يقدموا لأمتهم نتاجاً تفاخر به بين الأمم، وتؤكد فيه حضارتها العريقة وهويتها الراسخة، فمملكة البشر لا تبنى على أعمدة الجهل وأساسات التخلف، إنما تبنى بعلم منفتح طموح إلى البناء والمستقبل، يدعمه جهد إنساني متوثب ومتحفز للعطاء، ويمهد له الطريق ما تمتلكه الأمة من مادة تعد عصب الثقافة وذراعها القوية الأمينة، وكما يقول الشاعر أحمد شوقي:
بالعلمِ والمالِ يبني الناسُ ملكَهُمُ
لم يُبنَ ملكٌ على جهلٍ وإقلالِ
وإذا نظرنا إلى خارطة الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة -بشكل عام- وفي إمارة الشارقة بشكل خاص، كونها حازت قبل سنوات لقب عاصمة الثقافة العربية وفي العام الذي نودعه ،2014 حازت لقب عاصمة الثقافة الإسلامية، فإن الثقافة بثوبها الأنيق العام، وبوجهها الإسلامي المشرق بالإيمان، نجد أن العمل الثقافي أخذ ينشط ويتفاعل تفاعلاً تصاعدياً كبيراً من خلال الأنشطة التي تم تفعيلها على المستوى الداخلي والخارجي، فقد كان الحراك كبيراً في مجالات الثقافة والأدب والفن والمسرح والشعر، وغيرها من خلال ندوات فكرية تعقد بشكل منتظم ومنظم، وملتقيات ومهرجانات وأمسيات علمية وشعرية وفنية، وبهذا الفعل أصبح الكل يتطلع إلى أن تحط رحال إبداعه على أرض الشارقة المتفردة والمحلقة خارج السرب .
والشارقة تنظم على مدار العام فعاليات كبيرة تهوي إليها قلوب المبدعين، ويتنافس على خطب ودها المتنافسون، وهي إذ تبدع وتأسر النفوس بهذا العطاء، تتحرك بحرية وفي مساحات ممهدة مدعومة برؤية مستنيرة ورعاية كريمة ودعم سخي من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي آمن منذ سنين بهذا الخيار التاريخي والحضاري والإنساني الذي استمده من نشأته الكريمة المحبة للعلم وأهله، ومن خلال هذه الأنشطة المستمرة أصبح اسم سلطان الشارقة وشارقته الباسمة مدار حديث الأحبة، وقهوة مجالسهم ودعاء مناجاتهم، ولا أبالغ إن قلت إن حرباً تنافسية تدور بمحبة بين المبدعين شبيهة بحرب داحس والغبراء أن يسجل اسم كل مبدع في سجلات شرف المشاركة في فعالية من فعاليات إمارة الشارقة . ما دامت أيادي سلطان البيضاء والسخية والمحبة تدعم هذا الحراك المعرفي والإنساني، فرحم الثقافة عند سلطان مقدر ومتصل بمحبة كبيرة .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"