«الأونروا».. شاهد إثبات

03:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

على الرغم من اعتراض كل من الولايات المتحدة، وطفلتها المدللة «إسرائيل»، مددت الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى ال 30 من يونيو /‏ حزيران 2023 تفويض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي تواجه تشكيكاً في عملها منذ عامين من قبل الإدارة الأمريكية، والطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل».
ففي تصويت أجري في الأمم المتحدة قبل أيام، وافقت مئة وتسعة وستون دولة على قرار التمديد، في حين امتنعت تسع دول عن التصويت.
وحض القرار المذكور جميع المانحين على مواصلة تكثيف جهودهم لتلبية الاحتياجات المتوقعة للوكالة في وقت تشهد فيه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، وخصوصاً في الأراضي الفلسطينية تدهوراً ملحوظاً.
كما يأتي التمديد للوكالة وسط صعوبات مالية بسبب وقف الولايات المتحدة لمساعداتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار في عام 2018، والتي تسببت في إرباك كبير للكثير من أنشطة «الأونروا»، التي تضطلع بإدارة المئات من المدارس والمستوصفات، وتقدم مساعدات حيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية، حيث يعمل لدى الوكالة نحو ثلاثين ألف موظف أو يزيد، معظمهم من المواطنين الفلسطينيين، الذين هجرهم المشروع الصهيوني من أراضيهم، عند إقامة «إسرائيل» في أعقاب نكبة فلسطين عام 1948
وقبل أكثر من عام حاولت الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع «إسرائيل» التلويح بأنه لم يعد هناك سبب لبقاء «الأونروا» في إطار معارضة كل من واشنطن وتل أبيب للحقيقة الدامغة بأن الشعب الفلسطيني، الذي هجر من أرضه عنوة، يمكنه نقل وضعية اللاجئ إلى أطفاله، وبذلك فإن كلاً من الإدارة الأمريكية و«إسرائيل» تسعيان باستماتة إلى التقليل من عدد الأشخاص الذين يتلقون المساعدة من الوكالة، لأسباب سياسية أيضاً.
ولكن السؤال هو: لماذا تصر كل من أمريكا و«إسرائيل» على تحجيم دور «الأونروا» أو إلغائها بالكامل؟
الجواب هو أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أو غيرها من المنظمات والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، الخاصة بالقضية الفلسطينية، تمثل على الرغم من هيمنة القوى الاستعمارية الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، شاهد الإثبات الدولي الأهم على حجم وفظاعة الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني المسالم، في إطار مؤامرة دولية غربية، هدفت إلى حل ما عرف بالمسألة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب الفلسطيني.
وقد يكون من قبيل الصدف الحسنة أن يتزامن قرار تمديد عمل «الأونروا» تقريباً مع الذكرى الحادية والسبعين لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 حول حق العودة الصادر في 11/‏12/‏1948، الذي يعتبر بحسب الكثير من خبراء القانون الدولي إطاراً قانونياً للحلول المطروحة بشأن اللاجئين الفلسطينيين، إذ ينص هذا القرار على وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم، والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكاتهم للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الدعوات الأمريكية الداعية إلى شطب حق العودة، ومحاولات إنهاء دور «الأونروا» أو التضييق عليها، فإن ذلك يعني أن واشنطن وتل أبيت تسعيان إلى تصفية كل الشهود في جريمة ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، وطمس حقوقه المشروعة في وطنه المحتل.
إلا أنه وعلى الرغم من ذلك يمثل تمديد تفويض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لثلاث سنوات أخرى، صفعة جديدة للسياستين الأمريكية و«الإسرائيلية»، ورسالة مفادها أن العالم لن يخدع بما تسوقانه على الرغم من كل مظاهر العجز الدولي، وهيمنة القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، على المنظمة الدولية ومحاولاتها اختطاف القرار الدولي لمصلحتها دائماً، ولا سيما أن إيقاف عمل «الأونروا» أو غيرها من المؤسسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، يتناغم والدعوات المشبوهة الداعية إلى التوطين أو التهجير أو الدمج أو الإذابة، أو التعويض بديلاً عن العودة
ومن هنا تبدو أهمية التصدي الحازم للمخططات الرامية إلى تصفية دور «الأونروا» التي ترمز إلى مسؤولية المجتمع الدولي الأخلاقية والقانونية والسياسية عن خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، والتزامه بضرورة عودتهم إلى ديارهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"