أردوغان ومسلسل الفشل

04:10 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

يفيد الكثير من المصادر، ولا سيما داخل أوساط المعارضة، بأن أردوغان لا يزال يمارس سياسة الاعتقال والتعسف، منذ الانقلاب ضده في عام 2016.

يتنقل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من فشل إلى آخر، وآخر حلقات هذا المسلسل فشله المريع في إدارة أزمة فيروس كورونا، التي تعد بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير، وقد حاول أردوغان إلصاق هذا الإخفاق بوزير الداخلية سليمان صويلو، ليتحمل وحده فاتورة الفشل في التعامل مع الأزمة من خلال فرض حظر التجول المفاجئ في بعض المدن التركية، الذي اعتبره المراقبون فضيحة بكل المقاييس.

لكنه، وعلى الرغم من أن عنوان استقالة صويلو ربط بأزمة كورونا، فإن بعض المحللين السياسيين، يرون أن رفض أردوغان استقالة صويلو لا يعدو عن كونه مسرحية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء استقالة الأخير، فمنذ توليه منصب وزير الداخلية في عام 2015 اكتسب صويلو شعبية ملحوظة داخل حزب العدالة والتنمية، ولا سيما مع لعبه دوراً في التقريب بين الحزب والتيارات العلمانية في تركيا.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يثار بين حين وآخر حول الخلافات بين سليمان صويلو وصهر الرئيس التركي وزير المالية بيرات البيرق، وأثر ذلك في وحدة حزب العدالة والتنمية، الذي بدا منقسماً بين الرجلين، يمكن الجزم بأن استقالة صويلو تعد انعكاساً للخلافات الداخلية في حزب العدالة والتنمية، وهي خلافات من شأنها إضعاف موقع الرئيس، وصورة أخرى من صور الفشل التي يتنقل فيها أردوغان من قضية إلى أخرى.

وأثبتت الأحداث أن أزمة كورونا ليست سوى الفرصة التي انتظرها أردوغان لاحتواء وزير داخليته، عبر تحميله مسؤولية الفشل في التعامل مع الأزمة، التي كشفت بوضوح إخفاق الإدارة التركية كلها، وعلى رأسها أردوغان نفسه، الذي يقفز في الآونة الأخيرة من أزمة إلى أخرى، بدءاً من تعامله مع الأزمة السورية، إلى سلوكياته الانتهازية في ملف اللاجئين، وصولاً إلى تدخله السافر في الشؤون الداخلية الليبية، وعلاقاته المباشرة والمكشوفة مع التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية التي يتخبط فيها النظام التركي بسبب هذه السياسات المتهورة، التي يظن أردوغان أنها قد تقوده إلى إحياء الإمبراطورية العثمانية، على حساب دول المنطقة، وهو ما جعل ذلك كافياً لوصفه بالرئيس الفاشل بامتياز.

وتؤكد الكثير من المصادر، ولا سيما داخل أوساط المعارضة، أن أردوغان لا يزال يمارس سياسة الاعتقال والتعسف، منذ الانقلاب ضده في عام 2016، وأنه يلقي المشتبه في إصابتهم بفيروس «كورونا» من المعتقلين السياسيين في حظائر الحجر الصحي بلا طعام أو نظافة، أو رعاية صحية جيدة، وهو ما كشفت عنه صحيفة «يني تشاغ» التركية مؤخراً.

أما من حيث الواقع؛ فقد كشف النائب بحزب الخير المعارض أهات أنديجان، زيف الأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة حول انتشار فيروس كورونا، معتبراً أنها لم تكشف عن الحجم الحقيقي للمرض، وأن أردوغان ووزراءه ظلوا في حالة إنكار لوجود فيروس كورونا المستجد في البلاد لفترة طويلة، متهماً إدارة أردوغان بعدم إدارة الأزمة بشكل جيد.

من جانبها، قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية في تقرير لها: إن أردوغان فشل في فرض حظر التجوال في البلاد، ولم يستمع إلى أحد، وأن المعارضة بدأت تصعد في زمن «كورونا»، وكانت أكثر تنظيماً على عكس حزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، ووصفت جهود أردوغان ضد حزب «الشعب الجمهوري» الذي يسيطر على إسطنبول بالألاعيب السياسية التي سوف تنقلب على أردوغان، محذرة من أن ملايين الأتراك خسروا وظائفهم بسبب الأزمة الأخيرة، ولا توجد خطط لإعادة توظيفهم.

وكان الرئيس وحكومته قد واجها الكثير من السخرية من جانب الأتراك، بعد إعلان الحكومة عن حظر جزئي على كبار السن فقط لمواجهة انتشار فيروس كورونا، فيما امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات الساخرة التي تحظر أردوغان وغيره من القيادات السياسية للبلاد من مغادرة منازلهم.

والحقيقة أن السياسة التي يتبعها رجب طيب أردوغان وضعت، حسب الكثير من المراقبين، تركيا في موقف لا تحسد عليه بسبب سوء الإدارة السياسية والاقتصادية، لأن هذه السياسات من شأنها أن تقود البلاد إلى عواقب مالية وجيوسياسية تستمر إلى ما بعد انتهاء أزمة «كورونا».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"