الاختلال في نزع السلاح

03:54 صباحا
قراءة 4 دقائق

بينما يبدأ مؤتمر الأمم المتحدة لنزع السلاح دورته التي تستغرق سبعة أسابيع في جنيف فإن مستقبله أصبح على المحك، وبينما يوجد حراك في مبادرات البلدان والمجتمع المدني فإن المؤتمر أصابه الخمول . إن مصداقية المؤتمر بل وشرعيته في خطر .

لقد كان مؤتمر نزع السلاح منذ زمن طويل المنتدى المتعدد الأطراف الوحيد للتفاوض من أجل نزع السلاح . إن من إنجازاته المبهرة الكثيرة تتضمن معاهدات الأسلحة البيولوجية والكيماوية ومعاهدة عدم الانتشار النووي والمعاهدة الشاملة لمنع التجارب النووية . لقد تحقق معظم هذا التقدم خلال الحرب الباردة ما يثبت أن من الممكن إيجاد قواعد قانونية حتى في الأوقات التي تشهد انقساماً سياسياً حاداً .

أما اليوم فالأمور ليست على ما يرام في مؤتمر نزع السلاح، فهو يعمل طبقاً لمبدأ توافق الآراء كما أن الدول الأعضاء في المؤتمر لديها أولويات مختلفة . البعض يريد مفاوضات تتعلق بنزع السلاح النووي وآخرون يريدون منع إنتاج المادة الانشطارية لأغراض السلاح، كما يصر آخرون على أن مثل هذه المعاهدة يجب أن تغطي أيضاً المخزونات الحالية . إن البعض يريدون معاهدة تتعلق بالضمانات الأمنية للدول التي لا تمتلك أسلحة نووية من أجل تطمين تلك الدول ضد تهديد الأسلحة النووية أو استخدامها، أما البعض فهم يريدون المعاهدة لمنع سباق تسلح في الفضاء الخارجي .

لكن بدلاً من الحلول الوسط والمناقشات المبنية على حسن النية وعلى الأخذ والعطاء، أصبح هناك شلل . لقد كان هناك بصيص من الأمل في سنة 2009 عندما دفع الإحساس بالشلل المؤتمر إلى التوصل إلى توافق في ما يتعلق ببرنامج العمل . للأسف لم يتم تطبيق ذلك البرنامج وكنتيجة لذلك فلقد فشل مؤتمر نزع السلاح في تحقيق أي تقدم جوهري لخمسة عشر عاماً .

يجب علينا بكل بساطة ألا ندع عقداً واحداً ضائعاً أن يصبح عقدين . إن مستقبل مؤتمر نزع السلاح هو في أيدي الدول الأعضاء . لكن برنامج نزع السلاح وعدم الانتشار من الأمور المهمة لدرجة أنه يجب علينا ألا نترك مؤتمر نزع السلاح يصبح غير ذات علاقة بينما تقوم الدول بالنظر في إيجاد منتديات أخرى من أجل التفاوض . لقد قمت في سبتمبر/أيلول الماضي بعقد اجتماع على مستوى رفيع في الأمم المتحدة من أجل النظر في أساليب لإعادة إحياء عمل مؤتمر نزع السلاح وإحراز تقدم في مفاوضات نزع السلاح متعددة الأطراف .

إن المشاركين الذين ضموا العشرات من وزراء الخارجية- كانوا مجمعين على تأكيد أن عضوية مؤتمر نزع السلاح هي ميزة تبنى على قاعدة التوافق . يجب ألا يسمح لبلد أو بلدين أن يضعا العقبات أمام عمل المنظمة إلى ما لا نهاية .

لقد كانت الرسالة واضحة: يجب ألا تستمر الأمور بالشكل المعتاد . يجب أن تقر الدول الأعضاء في مؤتمر نزع السلاح أن مستقبل المؤتمر على مفترق طرق . إن استمرار الطريق المسدود يزيد من خطر قيام بلدان متشابهة التفكير بالتعامل مع الأمور في مكان آخر .

إن هذا الجمود يمكن أن تكون له أبعاد مشؤومة على الأمن العالمي وكلما طال هذا الجمود، زاد التهديد النووي وذلك من الترسانات الحالية ومن انتشار مثل هذه الأسلحة ومن احتمالية الاستيلاء عليها من قبل الإرهابيين .

لقد قمت بحث مؤتمر نزع السلاح على تبني برنامج عمل مبني إما على أساس التوافق الذي تم التوصل إليه سنة ،2009 أو على أساس ترتيبات بديلة . سوف تقوم كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بناء على طلبي بمناقشة الموضوع في اجتماع يعد الأول من نوعه للجمعية العامة في يوليو/تموز . إن ذلك البرنامج الزمني يجعل الدورة الحالية لمؤتمر نزع السلاح حيوية من أجل مستقبل ذلك المؤتمر .

إن إعادة تأكيد برنامج عمل مؤتمر نزع السلاح يوفر الفرصة اللازمة لمفاوضات جديدة تتعلق بقضايا نزع السلاح . إن الاتفاق المسبق على النطاق أو النتائج يجب ألا يكون شرطاً مسبقاً للمحادثات أو عذراً لتجنبها- بل يجب أن تكون هي نفسها موضوعاً للمفاوضات .

إن الجمود الحالي مزعج أكثر على ضوء الزخم الأخير في ما يتعلق بمسارات أخرى لنزع الأسلحة بما في ذلك المؤتمر الناجح الذي تم عقده العام الماضي من أجل مراجعة اتفاقية عدم الانتشار حيث يعزز ذلك من الاهتمام بالأمن النووي . إن تركيز العالم على إحراز تقدم في ما يتعلق بأهداف نزع السلاح يعني أنه يجب على مؤتمر نزع السلاح اغتنام الفرصة .

لقد كتب شكسبير في إحدى المرات إن هناك حالة مد في ما يتعلق بشؤون الرجال .

إن المد المتعلق بنزع السلاح في حالة تصاعد ولكن مؤتمر نزع السلاح معرض لخطر الغرق وهو سوف يغرق ما لم يقم المؤتمر بتحمل مسؤولياته والتحرك .

* أمين عام الأمم المتحدة .

*والمقال ينشر بترتيب مع بروجيكت سنديكت .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"