الحرب على جبهة “إيبولا”

05:20 صباحا
قراءة دقيقتين
يونس السيد

رغم كل الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لمواجهة فيروس "إيبولا"، الذي تحّول إلى وباء فتاك يهدد البشرية، من دون تمييز في اللون أو العرق أو الجنس، فإن صورة قاتمة لا تزال ترتسم في أفق هذه المواجهة التي أخفقت حتى الآن في القضاء على هذا الوباء أو الحد من خطورته، وإن تحققت بعض النجاحات الجزئية، كما في نيجيريا، أو اكتشاف بعض اللقاحات التي لا تزال في طور التجريب والاختبار .
ربما تكون التحذيرات التي أطلقتها منظمة "أوكسفام" غير الحكومية قد زادت من هذه القتامة، عندما تحدثت عن احتمال ارتفاع عدد ضحايا هذا الوباء إلى 10 آلاف حالة وفاة أسبوعياً، ما لم يتمكن المجتمع الدولي من إيجاد الآلية المناسبة لمواجهته، ووقف سرعة انتشاره التي باتت تثير الرعب والهلع في كل مكان . فالوباء، بحد ذاته، والذي فتك حتى الآن بأكثر من 4500 شخص، أغلبيتهم في سيراليون وليبيريا وغينيا، ونحو 10 آلاف إصابة، هو الأخطر بين أقرانه من نوع الإيدز وكورونا وانفلونزا الطيور وغيرها، ولا يجب الركون إلى التطمينات التي تصدر من هنا أو هناك، في وقت يحتاج الأمر فيه إلى تحرك فعلي وجاد ومدروس على مستوى الساحة الدولية . هذا التحرك الذي يبدو أنه جاء متأخراً كثيراً بعد فترة طويلة من الانتظار والعجز والوقوف موقف المتفرج على ما يحدث لفقراء المجتمعات الصغيرة في غرب إفريقيا، أو كما عبر عن ذلك الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بأن التحرك الغربي لم يأت إلا عندما بدأ يصل الوباء إلى قلب المجتمعات الأوروبية والأمريكية . ويتجلى هذا العجز بوضوح في صرخة الأمين العام الحالي للأمم المتحدة بان كي مون عندما كشف أن صندوق الأمم المتحدة لا يحتوي سوى على 100 ألف دولار من أصل 20 مليون دولار تحتاج إليها الأمم المتحدة للتحرك في مواجهة هذا الوباء .
وفي كل الأحوال، فقد ظل هذا التحرك خاضعاً لسقف سياسات ومصالح الدول الغنية والمتطورة، حيث قررت أمريكا نشر 3 آلاف جندي في ليبيريا، وبريطانيا 750 جندياً في سيراليون وصل منهم 150 جندياً حتى الآن، بينما فضلت فرنسا تقديم مساعدة مدنية إلى مستعمرتها السابقة غينيا حيث شيدت مركزاً للعلاج . وربما هذا ما دفع رئيسة ليبيريا الن جون سيرليف إلى التحذير من أن جيلاً كاملاً من الأفارقة "قد يذهب ضحية الكارثة الاقتصادية الناجمة عن الأزمة"، والقول بوضوح "انتهى وقت الكلام، تتطلب المعركة ضد الفيروس التزاماً من كل دولة تستطيع توفير مساعدة طارئة أو معدات طبية أو خبرات صحية" .
يبدو أن تحذير سيرليف قد وصل إلى مسامع قادة الاتحاد الأوروبي، حيث سارع هؤلاء القادة للبحث عن هيئة مدنية تتولى تسهيل نقل المساعدات وتدريب المتطوعين، وتشكيل فرق خبراء طبيين، إلى جانب إجراءات الحماية ومسح حرارة المسافرين في المطارات الأوروبية، لكن كل هذه الإجراءات ستظل ناقصة ما لم يتم وضع استراتيجية شاملة لمواجهة هذا الوباء، حتى ولو اقتضى الأمر تشكيل تحالف دولي جديد لكسب هذه الحرب المفتوحة، والتي لا تقل خطورة عن مكافحة الإرهاب .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"