تحسن أسعار النفط ينعش الاقتصاد الكوري

00:48 صباحا
قراءة 3 دقائق
مضار انخفاض أسعار النفط العالمية بالنسبة لكوريا أكبر من المنافع. كوريا دولة تعتمد بشكل كامل على الصادرات بما في ذلك بناء السفن والمنتجات البتروكيماوية والإنشاءات، وكلها قطاعات تأثرت سلبا بانخفاض الموارد المالية في الدول النفطية.

بعد انخفاض أسعار النفط العالمية برقم قياسي لم يحدث منذ عام، 2009، ساد الاعتقاد في كوريا الجنوبية بأن ذلك يعتبر بشارة طيبة لها. فالواردات النفطية بالنسبة لكوريا تمثل 7.6% من إجمالي الناتج القومي. ومع هبوط أسعار النفط العالمية، سيتم الاستفادة من ذلك في تعزيز دخل الأسر وزيادة معدلات الاستثمار، ومساعدة الاقتصاد الكوري على الخروج من أزمته التي وقع فيها نتيجة الأزمة المالية العالمية عام 2007 وامتداداتها، وذلك من خلال زيادة ودعم الدخل القومي وزيادة الفائض في الميزان التجاري وتعزيز معدلات الإنفاق والاستهلاك الداخلي بسبب انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية. وتوقعوا أن انخفاض أسعار النفط سيحسن - أيضا - من ثقة المستهلك ويهدئ من مخاوفه وهو ما سيساعد كذلك على زيادة الإنفاق ويساعد الشركات على زيادة الإنتاج والاستثمار. لكن تبين أن مضار انخفاض أسعار النفط العالمية بالنسبة لكوريا أكبر من المنافع. فكوريا دولة تعتمد بشكل كامل على الصادرات بما في ذلك بناء السفن والمنتجات البتروكيماوية والإنشاءات، وكلها قطاعات تأثرت سلبا بانخفاض الموارد المالية في الدول النفطية المستقبلة لتلك الصادرات. وحتى الأسعار الاستهلاكية تأثرت سلبا. وظهر جلياً أن انخفاض أسعار النفط عندما يتعدى الحد المعقول ويتطاول في مدته وحجمه، فإنه يصبح ظاهرة ضارة بمعدلات النمو والإنفاق نفسه، مما يؤدي إلى الانكماش الاقتصادي. وبسبب انخفاض أسعار النفط العالمية، وصل حجم الصادرات والواردات في كوريا إلى أقل مستوى له خلال ثلاثين عاما. و سجل نمو الصادرات الكورية معدلا سلبيا مرتين متتاليتين خلال عام 2015 شمل العديد من القطاعات، خاصة السيارات والحديد والصلب وأشباه الموصلات.

ولكن مع تحسن أسعار النفط خلال عام 2017 بدأت الصادرات تتحسن أيضا، حيث بلغ حجمها في مايو/‏أيار 45 مليار دولار بزيادة 13.4% مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق. وظلت الزيادة مطردة على مدى سبعة أشهر متواصلة للمرة الأولى منذ ديسمبر/‏كانون الأول 2011. التحسن شمل 9 قطاعات من بينها قطاع أشباه الموصلات الذي شهد معدل نمو قياسيا. الصادرات الموجهة لأغلب مناطق العالم، شهدت ازدهارا جليا، وقد أسهم ذلك في الانتعاش الاقتصادي. كما نجحت كوريا الجنوبية في استعادة سمعتها في قطاع بناء السفن بعد أن تصدرت الطلبيات العالمية لبناء السفن في النصف الأول من هذا العام. ووفقاً لبيانات صادرة عن شركة كلاركسون البريطانية، فإن طلبيات بناء السفن المقدمة لأحواض بناء السفن الكورية الجنوبية بلغت 2.56 مليون طن إجمالي تعويضي في النصف الأول من هذا العام، مسجلة زيادة بمقدار الضعفين عن نفس الفترة من العام الماضي. ومثلت حصة أحواض بناء السفن الكورية الجنوبية 34% من الطلبيات العالمية لبناء السفن في هذا العام لتستعيد كوريا الجنوبية صدارتها، متفوقة على الصين واليابان. وجاء ذلك بعد مرور 5 سنوات من فقدان صدارة الطلبيات العالمية لبناء السوق في عام 2012.
وترى الأوساط الاقتصادية في الحكم الديمقراطي الليبرالي الحاكم، أن التحسن في أسعار النفط التي يتوقعون استمرارها سوف تساعد الرئيس الكوري الجديد على تنفيذ سياساته الاقتصادية وعصبها إحداث تحول اقتصادي من خلال خلق المزيد من الوظائف، لتحسين مستوى الدخل، وبالتالي زيادة الإنفاق والاستهلاك وإحداث دورة إيجابية في الاقتصاد. مع دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. وترى بعض مراكز الدراسات الاقتصادية الكورية أن النزاعات بين مجموعة العشرين ومجموعة الاقتصادات الناشئة ستسهم في تعزيز سياسات الحماية الاقتصادية خلال النصف الثاني من هذا العام، مما سيجعل من الصعب على الاقتصاد الكوري أن يتمكن من تحقيق معدل النمو المستهدف، إلا أنه إذا استمر التحسن في أسعار النفط وإذا ما استطاعت الحكومة الكورية نشر مناخ مناسب للشركات للاستثمار النشط، من خلال تبني سياسات موضوعية وإيجابية، فإن ذلك قد يسهم في مساعدتها على تحقيق أهداف سياساتها الاقتصادية.
د. عبدالعظيم محمود حنفي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"