إعادة تصنيف

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

بعد أن مضت سنوات طويلة على الصراع مع السجائر العادية، يبدو أننا دخلنا صراعاً جديداً مع الإلكترونية التي أخذت في الانتشار بشكل أسرع، لتستهدف فئات جديدة يبدو أن نظرتها إليها مشوّشة، وغير صحيحة، بأنها أقل ضرراً، بل منعدمة الضرر، وأن استخدامها موضة، بخاصة في ظل الأشكال، والألوان، والنكهات التي أطلّت بها، كأنها بعيدة كل البعد عن السجائر التقليدية.

لكن يبدو أن في الجعبة الكثير، وأن السجائر الإلكترونية لا يزال أمامها الكثير لتقوله، وتفعله، وتؤذي به من يستخدمها، فهي ليست ناعمة، وديعة، كما يعتقدون، بل وحش يتربّص بضحاياه، بعد أن يستقطبهم كمرحلة أولى، ثم يُغويهم في نكهات الورود إلى أمور أخرى، قد تصل إلى المخدرات، فهناك دائماً من يتسلّل من أيّ ثقب نظنّه صغيراً غير مألوف، ليصنع أزمة كبرى لم تكن في الحسبان، ولا في دائرة التوقعات.

شرطة دبي سجلت في وقت سابق 17 حالة استخدام خلطات مخصصة للسجائر الإلكترونية تحوي أنواعاً من المخدرات، حسب دراسة حديثة أعدّتها الإدارة العامة للأدلة الجنائية، التي حذرت من انتشار سوء استخدام هذه السجائر، على الرغم من منع تداولها في الدولة، ما يعني أن الأمور لم تعد كما نظنّها، وأن هذا المجال بات مفتوحاً على مصراعيه لضعاف النفوس، وأن الاختراق قادم لا محالة، ما يستوجب الحذر، ورفع تصنيف خطورة هذا الأذى الذي لا يزال كثير منا يرى أنه أحد حلول الإقلاع، أو التخفيف من السجائر التقليدية.

إذن، فإن خطورة هذه الظاهرة تكمن في أن السجائر الإلكترونية مقبولة اجتماعياً، أكثر من نظيرتها التقليدية، فترى مستخدميها يدخنونها في المراكز التجارية، والمنازل، بل حتى في أماكن العمل، باعتبارها ليست مضرّة، وتوفر فرصة للإقلاع عن التدخين، وهذا خطأ كبير أتاح الفرصة للتوسع في سوء استخدامها، لدرجة تحويلها إلى أداة لتعاطي المخدرات، فضلاً عن أنها في وضعها الطبيعي أكثر خطورة من السجائر العادية.

لا تقف الأمور عند هذا الحد، فقد كشفت دراسة حديثة أن التدخين الإلكتروني يزيد من خطر الإصابة بأمراض رئوية عدّة، رغم اعتماده كبديل «آمن بنسب متفاوتة» للسجائر العادية، وحلّل الخبراء في ألمانيا أكثر من 600 دراسة حول آثار استخدام السجائر العادية، وكذلك الإلكترونية، في صحة الإنسان، ووجدوا أن السجائر الإلكترونية تزيد خطر الإصابة بأمراض رئوية، تشمل: الربو، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، والتهاب الشعب الهوائية، وأشكالاً عدّة من الالتهاب الرئوي، وتلف المسالك الهوائية الصغيرة في الرئتين.

كل تلك المعطيات تحتم إعادة تصنيف السجائر الإلكترونية، وعدم الاستهانة بخطورتها، أو الأذى المترتب عليها، أو نظرتنا كمجتمع إليها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdw94mwc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"