تحوّلات أمريكية

03:13 صباحا
قراءة دقيقتين

يفاجئنا الرؤساء الأمريكيون بعد خروجهم من السلطة بانفتاحاتهم الحواريّة ونشاطاتهم البيئية وأفكارهم السلميّة، التي تتناقض مع ممارساتهم خلال وجودهم في سدّة الحكم. الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ليس حالة فريدة، فمذكرات الرئيس السابق بيل كلينتون تحتوي على كمّ من التنظير عن أفكار لم يكن يمارسها خلال سنوات حكمه الثماني في البيت الأبيض. الأمر نفسه مع نائب كلينتون، آل جور، الذي تحوّل بين ليلة وضحاها إلى الناشط الأكبر في الدفاع عن البيئة، رغم أن الولايات المتحدة رفضت ولا تزال الانضمام إلى بروتوكول كيوتو لمنع انبعاث غاز الدفيئة ومكافحة الاحتباس الحراري.

كل هذه السياسيات لا تظهر في سنوات الحكم، والتحوّل نحو العمل الخيري بات سمة الرؤساء السابقين الذين اختاروا البقاء على تواصل مع العمل العام. ومع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الحالي جورج بوش قد يكون علينا ترقّب أسلوب الحياة الذي سينتهجه بوش عندما يصبح رئيساً سابقاً.

المتابعة المنطقية لأسلوب حياة بوش قبل توليه الرئاسة توحي بأنه قد يعتكف في مزرعته في تكساس ويعود إلى تجارته النفطية، وقد لا يكون مفاجئاً أن يتحوّل الرئيس السابق المرتقب إلى التبشير الإلهي طالما أنه يعتبر نفسه منذ توليه رئاسته منفّذاً للرغبات الإلهية، التي يقول إنه طبقها باحتلاله للعراق وأفغانستان.

ورغم ذلك، قد يفاجئنا بوش الابن بمذكرات سلميّة تنقض كل ممارساته الحربية خلال ولايتيه الرئاسيتين، وربما يصبح وسيط سلام يلجأ إليه المتخاصمون في العالم لحل مشكلاتهم. وربما يصبح أحد المنظرين لاستخدام الوقود الحيوي أو الطاقة البديلة كبديل للنفط الذي حرّك الجيوش الأمريكية نحو العراق ونقل القواعد العسكرية إلى المنطقة، لتصبح الولايات المتحدة جاراً لدول الشرق الأوسط.

قد يكون التصوّر الأخير لتحوّل بوش الابن مبالغاً فيه لاعتبارات عديدة، أبرزها أن الضحالة الفكرية للرئيس الامريكي الحالي، التي ظهرت في أكثر من مناسبة أمريكية وعالمية، تمنعه من الخوض في مثل هذه السجالات، وترجح اعتكافه عن العمل العام تماماً، على غرار والده جورج بوش الأب، الذي ما عاد يظهر إلا في مناسبات اجتماعية أو رحلات صيد مع ولده الرئيس.

التحوّلات الرئاسية الأمريكية لا تقف عند الرؤساء السابقين، بل تتعداهم إلى المرشحين للمنصب على غرار المرشح الديمقراطي السابق جون كيري، الذي بات الداعية الأول للسلام والحوار، الأمر نفسه مع المرشحين الديمقراطيين الحاليين هيلاري كلينتون وباراك أوباما، رغم أن وصول أي منهما إلى السلطة قد لا يعني تطبيق أفكاره على اعتبار أن إطار السياسة الأمريكية العامة لا يسمح بذلك، وربما على الفائز منهما الانتظار ليصبح رئيساً سابقاً للترويج لأفكاره مجدّداً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"