جزاك الله يا معالي جمعة الماجد

01:53 صباحا
قراءة 4 دقائق

جزاك الله يا معالي جمعة الماجد، بهذه العبارة اختتم الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كلمته التي ابتدأها بالبسملة والحمدلة .

كانت المناسبة حفل مناقشة أول رسالة دكتوراه في الشريعة (الفقه) على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت الرسالة بعنوان: الجرائم الاقتصادية عبر الشبكة العالمية للمعلومات، دراسة فقهية مقارنة بالقانون الجنائي الإماراتي .

الزمان: 22/6/2011 والمكان: كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، وهي أحد الصروح العلمية الثقافية التي أنشأها معالي الوالد جمعة الماجد، حفظه الله تعالى، على نفقته الخاصة، ولا يزال يتعهدها بالرعاية ويسقيها بالعناية واللطف والحنان، متكفلاً بكل نفقاتها وتبعاتها، آملاً بذلك وجه الله تعالى ثم خدمة الوطن .

قدمت رسالة الدكتوراه الطالبة ليلى أحمد سالم المشجري من الإمارات، وقد وصفتها الكلية بأنها أنموذج المرأة الإماراتية الجادة، وهي تستحق بالفعل أن تكون أنموذجاً، إذا عرفنا أنها متزوجة غير متفرغة للدراسة، ولديها خمسة أبناء، ومعلمة، وما أدراك ما المعلمة .

لقد كتب الله تعالى على المعلمة كل أنواع التعب والشقاء والإرهاق والتوتر والسهر، ولم تكافئها وزارة التربية والتلعيم في أي بلد سوى الخروج منها بعد سنوات من عمرها، بحزمة من الأمراض المزمنة مثل الربو وضعف النظر والضغط والسكر وأضعف الرواتب .

نعم . . . لم يكافئ المعلم إلا أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال:

قُم للمعلم وَفّه التبجيلا

كاد المعّلمُ أن يكون رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلّ مِن الذي

يبني ويُنشئ أنفساً وعقولا؟

يا أرضُ مُدَ فقد المعلم نفسه

بين الشموس وبين شرقك حِيلا

ذهب الذين حَموا حقيقة علمهم

شفتي محبّ يشتهي التقبيلا

عرضوا الحياة عليه وهي غباوة

فأبى وآثر أن يموت نبيلا

إن الشجاعة في القلوب كبيرة

ووجدت شجعان العقول قليلا

أعود إلى رسالة الطالبة، وهي الفقه والفقه المقارن، وما أدراك ما الفقه، يغرق فيه أمهر الرجال، فكيف بالنساء اللاتي وصفهن الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: رفقاً بالقوارير .

أما الجريمة الإلكترونية، فهي على درجة عالية من الأهمية والدراسة ووضع حد لأخطارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .

فالطالبة لو لم تكن صاحبة إصرار وعناد وعزم أكيد، ولو لم تكن طموحة ومتحدية أشجع الرجال، لما استطاعت أن تقتحم هذا الحصن المنيع .

أجل فالطالبة كانت في مستوى تحمل شدائد البحث والسهر والمطالعة، وعلى قدر الفهم الدقيق لمتطلبات أطروحة الدكتوراه التي هي المحطة الأخيرة أو ما قبل الأخيرة التي يطمح إليها رجل العلم والمعرفة، وامرأة القرن الحادي والعشرين .

والتي ساعدت الطالبة على هذا الإنجاز الفقهي العظيم، كلية الدراسات الإسلامية والعربية التي وفرت لها الأرضية الصالحة للانطلاق في فضاءات البحث والانتقاء والترجيح .

هذه الكلية التي بدأها معالي المحسن الكبير جمعة الماجد - بفضل من الله تعالى - بمعهد ثانوي متواضع قبل أكثر من 25 عاماً تقريباً، ثم أحاله بإصراره إلى كلية ذات تخصصات عدة، ومن ثم إلى صرح أكاديمي يؤهل الطالب لنيل الماجستير والدكتوراه .

إن جمعة الماجد رجل من رجالات المال والاقتصاد في دولة الإمارات، إلا أن ما يميزه في زماننا، هو أنه كعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم . إن جاز لي التعبير والتشبيه، حيث كان رضي الله عنه يغدو في الصباح فيتاجر ويجمع من المال ما لا حصر له، وفي المساء ينام ولا درهم يبقى عنده مما ينفقه في الخير .

لقد أنشأ جمعة الماجد المدارس الأهلية الخيرية، ولم يرد منها مربحاً مادياً، بل مساعدة لأبناء الفقراء الذين عجزوا عن دفع رسوم التعليم .

وأنشأ كلية الدراسات، ليخدم بها أولئك الذين عجزوا عن مواصلة دراستهم الجامعية، بسبب العمل أو بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة .

وأنشأ مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، ليكون منبعاً أصيلاً للتزود من العلوم المخزنة في الأقراص المدمجة، أو في خزائن الكتب المشتراة من بلدان العالم، وهي تشتمل علي النفائس ونوادر المخطوطات .

من أجل ذلك فإن معالي الشيخ نهيان، وهو خير من يقدر الرجال، وينسب الفضل إلى أهل الفضل، ثمن أولاً جهود صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله .

وثمن ثانياً جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كما ثمن جهود معالي جمعة الماجد رجل البر والتقوى، وتمنى لكليته أن تبقى هي الأقوى .

ودبي التي أبت إلا أن تكون هي الأول دائماً، تفتخر اليوم بأول رسالة دكتوراه مقدمة من مواطنة، وتناقش على أرضها .

فشكراً لمن ناقشها، وشكراً لمن نوقشت، وشكراً لكل معلم وأستاذ ومرب، أخذ بيد الطالبة إلى منابع العلم والمعرفة .

ثم حفظ الله تعالى الإمارات رئيساً وحكومة وشعباً وأرضاً، وحفظ جمعة الماجد مربياً للأجيال، وعوضه عما أنفقه في وجوه الخير من الأموال .

وشكراً لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الذي عودنا على أن نراه دائماً أنموذجاً للتواصل مع مجتمع النساء والرجال، ورجل علم وثقافة يحمل بين جنبيه دُرر الأقوال ومكارم الفعال .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"