صواريخ بيونج يانج الغامضة

02:09 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

للمرة الرابعة منذ أن غرق العالم في أزمة كورونا، تُجري كوريا الشمالية تجارب صاروخية، مثيرة استياء جيرانها في هذا الظرف الحرج، إذ اعتبرت كوريا الجنوبية هذا التصرف «أمراً غير لائق بالمرة» ويدعو إلى القلق، لا سيما بعدما أطلقت بيونج يانج أكبر عدد من الصواريخ خلال شهر واحد، ما يعني أنها تخطط للعودة بقوة إلى أنشطتها السابقة.
الخصم الأساسي لبيونج يانج ممثلاً في واشنطن، لم يكن راضياً على إطلاق هذه الصواريخ غامضة النوايا والأهداف، فبعد ساعات من الحادثة، حلقت طائرة استطلاع من نوع «إي.بي3- إي» تابعة للبحرية الأمريكية فوق شبه الجزيرة الكورية لرصد إن كانت هناك تحركات لاحقة. ومن الغريب أن هذا التصعيد، جاء بعد أيام قليلة من تواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جون أون، إذ عرض ترامب على «صديقه» المساعدة في مواجهة فيروس كورونا، رغم أن كوريا الشمالية لم تعلن تسجيل أي إصابة، وهو أمر مستغرب جداً في دولة محاطة بدول موبوءة مثل كوريا الجنوبية والصين موطن الوباء الأصلي.
من المؤسف أن بعض الدول والأطراف لا تكترث، وتستغل انشغال المجتمع الدولي بمجابهة فيروس «كوفيد-19» لفرض أمر واقع مرفوض أصلاً من قبل ومن بعد أيضاً، فأزمة كورونا لن تدوم طويلاً بالنظر إلى الجهود الجبارة التي تقوم بها كل الدول والمنظمات من أجل تطويق مخاطره والحد من انتشاره، فضلاً عن إيجاد العلاج الناجع للوقاية منه. ولن يستمر وقت طويل حتى يعود العالم إلى قضاياه ومشاغله السابقة لمعالجتها بالطرق التي تفرضها القوانين والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالأمن والسلم وحقوق الأمم في الرخاء والاستقرار. وما تفعله كوريا الشمالية يخالف كل ذلك وينتهكه، فضلاً عن أنه لا يجوز أخلاقياً في هذه المرحلة التي تستدعي مواقف إنسانية سامية تعبر عن التضامن والتكافل بين الشعوب المختلفة.
إثارة بعض الدول ضوضاء جانبية على هامش المعركة الحقيقية لن يفيدها في شيء، بل ربما يعرضها إلى كثير من الخسائر ويفقدها مصالح عديدة. فالعالم كله في هذا الظرف يجند كل طاقاته لمجابهة الفيروس وحماية أرواح الناس، ويبدو أن غالبية الدول تركت خلافاتها جانباً وترفعت عنها من أجل السلامة الصحية للشعوب التي لا دخل لها في الصراعات الدائرة بين الزعماء والحكومات. ففي ظل هذه الجائحة، انتصرت العقلانية على التطرف والميل إلى العون والإغاثة على الجنوح إلى الاستغلال والمساومة.
عندما وجهت الأمم المتحدة نداء عاجلاً لإسكات البنادق في كل الصراعات، كانت الغاية تجيير كل الطاقات والإمكانيات والوسائل للحرب على كورونا، على اعتبار أن هذه المعركة تتطلب جهوداً كبيرة تستوجب التهدئة للتفرغ إلى ما يمكن أن ينفع الناس فعلاً ولا علاقة له بالأجندات الفئوية الضيقة، ولكن بعض الأطراف يبدو أنها لم تسمع، وربما هي مصرة على العيش في عالم ما قبل كورونا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"