ماذا بعد الانتخابات الأمريكية؟

07:48 صباحا
قراءة دقيقتين
يونس السيد
شكلت هزيمة الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، وهيمنة الجمهوريين على الكونغرس بمجلسيه، فصلاً جديداً في التعامل مع قضايا المنطقة والعالم، وفتحت الطريق أمام التكهنات حول السياسات التي ستنتهجها الإدارة الحالية خلال السنتين المقبلتين، إلى حين إجراء الانتخابات العامة في عام ،2016 وما إذا كانت ستنشأ مواجهة بين البيت الأبيض والكونغرس الجديد .
ليست المرة الأولى التي ينجح فيها حزب معارض في الفوز بأغلبية مطلقة في مجلسي الكونغرس، إذ سبق أن حدث ذلك في عهد جورج بوش الابن عام ،2006 وبيل كلينتون عام ،1994 ورونالد ريغان عام ،1986 لكن نتائج الانتخابات، التي جاءت بمثابة استفتاء على سياسات الرئيس باراك أوباما، لم تخرجه من دائرة المنافسة فحسب، بل وجهت ضربة قاضية لمشروعه التغييري، وأظهرت رفضاً أمريكياً لمجمل هذه السياسات، لتضعه في مصاف الرئيس الأضعف بين الرؤساء الأمريكيين .
وبغض النظر عن الأساليب والوسائل التي استخدمها الجمهوريون للفوز بهذه الانتخابات من حيث الأعداد والحشد والتمويل الذي لعب فيه اللوبي الصهيوني (منظمة إيباك) دوراً هائلاً، بقدر ما لعب فيه الإعلام دوراً حاسماً، إلا أنهم استغلوا بذكاء فشل إدارة أوباما في ترجمة السياسات والإصلاحات الداخلية لتحسين المستوى المعيشي للأمريكيين، سواء على صعيد النظام الصحي والضمان الاجتماعي وحتى طريقة مواجهة وباء إيبولا، أو مواكبة النمو الاقتصادي (وصل إلى 5،4% فيما لم تتجاوز نسبة زيادة الأجور 0،5%)، إلى جانب ارتباك هذه الإدارة في التعامل مع القضايا الدولية بدءاً من أوكرانيا والملف النووي الإيراني وحتى "الثورات العربية" ومحاربة الإرهاب، ما أدى إلى عزوف الأمريكيين عن التصويت للديمقراطيين .
وفي كل الأحوال، لم يتردد الجمهوريون في الإعلان عن رغبتهم في المواجهة عبر التداول السياسي مع صبيحة اليوم التالي للانتخابات، ما يعني أن تقاسم السلطة على هذا النحو، وفي ظل الظروف الدولية الراهنة، يضع إدارة أوباما أمام خيارات معقدة قد تضطر معها إلى مواجهة حالة من الجمود والشلل، أو إدخال تعديلات جوهرية تعكس رغبات الجمهوريين وتوجهاتهم إزاء مجمل السياسات الداخلية والخارجية . ومعروف أن ميول الجمهوريين لاستخدام القوة في حل القضايا والصراعات، والدفع باتجاه الهيمنة الأمريكية المطلقة على العالم، سيؤدي إلى احتدام التنافس والاستقطاب والاستقطاب المضاد في الساحة الدولية، ويفتح الطريق أمام عودة الحرب الباردة، بالتزامن مع الانتقادات العنيفة التي يوجهها الجمهوريون لضعف أداء إدارة أوباما في التعامل مع الأزمات الدولية .
ولعل المستفيد الأكبر من فوز الجمهوريين هو الكيان الصهيوني، الذي على الرغم من احتضان الديمقراطيين له، سيجد دعماً قوياً في الكونغرس لسياساته العدوانية والاستيطانية وإجراءاته التهويدية في فلسطين المحتلة، وانتهاء التناقضات الخجولة التي ظهرت بينه وبين واشنطن في ظل إدارة أوباما ليحل مكانها مؤيدون أقوياء لهذا الكيان وبعضهم متطرفون معادون للقضية الفلسطينية . ومن غير المستبعد أن يلجأ الجمهوريون إلى الدفع باتجاه استخدام القوة في التعامل مع "الثورات العربية" ومحاربة الإرهاب، وإحلال الخيار العسكري بدلاً من الدبلوماسية والمعالجات الموضعية، وهو خيار قد يشعل المنطقة على نحو لا يمكن لأحد التكهن بنتائجه .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"