نتنياهو المنبوذ أوروبياً

03:19 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

من النادر أن تعتذر عاصمة غربية مثل لندن عن استقبال رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، وحتى الذريعة المعلنة (اعتبارات أمنية) غير مقنعة تماماً، طالما أن العاصمة البريطانية تمكنت من توفير الأمن لنحو 29 زعيماً أو من يمثلهم في قمة حلف شمال الأطلسي، التي تنعقد على مدى يومين وسط تباين في وجهات نظر أعضاء عدة.
بدايات القمة مثيرة للتوتر، والجو العام لا يحتاج المزيد من عوامل تسميمه مثل حضور نتنياهو الذي تلقى سياساته وتحالفه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكثير من الاستهجان الدولي والغربي، على وجه التحديد، ويتأكد هذا الأمر أيضاً من خلال إعلان المسؤولين الألمان والفرنسيين أن الوقت غير مناسب للقاء رئيس الوزراء «الإسرائيلي». وبالمناسبة، ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعطل فيه حركة نتنياهو، فقبل أشهر قليلة ألغى زيارة إلى لندن كانت مقررة للقاء مسؤولين أمريكيين، وكانت الذريعة أيضاً «غياب التنسيق المسبق» بين الطرفين. وفي غياب السبب الوجيه لهذا التعذر، يبقى المجال مفتوحاً للتكهنات، التي لا تخرج عن فرضيتين؛ فإما أن بريطانيا لا تستطيع فعلاً توفير طاقم أمني؛ لحماية نتنياهو، وإما أن الأمر يتعلق بموقف سياسي يرغب في عدم استقباله؛ لأنه عنصر مشبوه بالفساد في كيانه، ومجرم حرب في رقبته أرواح مئات الفلسطينيين الذين استشهدوا برصاص جيشه في غزة والضفة الغربية.
بعض التقارير الغربية أشارت في أوقات مختلفة إلى أن سياسة نتنياهو المتطرفة في الأراضي المحتلة، وإمعانها في القضاء على فرص «حل الدولتين» تستوجب موقفاً أوروبياً موحداً؛ لردع هذه الانتهاكات، التي تمثل عاراً على منظومة القيم الأوروبية؛ المطالبة بالاعتراف بالحقوق الفلسطينية. وفي هذا المقام لا يمكن نسيان أن رئيس وزراء الاحتلال وعدداً من مجرمي جيشه مرفوعة ضدهم قضايا جنائية، ومطلوبون للعدالة الدولية. فتحت طائلة الملاحقة تسلل الكثير من مسؤولي الاحتلال من أمثال تسيبي ليفني وموشي يعالون تحت جنح الظلام من المطارات الأوروبية، وقبل ذلك في عام 2002، جرى تهريب وزير الحرب السابق شاؤول موفاز من بريطانيا بعد صدور مذكرة قضائية تطالب بمحاكمته؛ لدوره في جريمة «السور الواقي» التي اجتاحت جنين أيام انتفاضة الأقصى.
«إسرائيل» التي تحظى بحماية أمريكية مطلقة تلطخت صورتها في أوروبا، وأصبحت منبوذة وغير مرحب بمسؤوليها. وأجندة نتنياهو المتماهية مع أجندة ترامب ليست هي ما يشغل الاتحاد الأوروبي. وبدت هذه المسألة واضحة على هامش قمة حلف الأطلسي، وهي خلافات لا تتعلق بوضع الحلف أو الحروب التجارية بين الطرفين، وإنما تتعداها إلى ملفات أخرى؛ ومنها: الانتهاكات «الإسرائيلية» وإصرارها على دوس الشرعية الدولية والمواقف الأوروبية، حصراً، وهي سياسة لن تجد الترحيب؛ بل النبذ والازدراء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"