التراث البحريني يبهر زوار البيت الغربي في الشارقة

أنماط متعددة من العادات والتقاليد
23:55 مساء
قراءة 6 دقائق
تحقيق: علي كامل لخطاب

أولت دول الخليج التراث غير المادي الكثير من الاهتمام في الفترة الأخيرة، فترى وشائج الالتحام مع الماضي قوية، وجذورها ممتدة وراسخة في أعماق التاريخ وأذهان المثقفين، وقد أدركت دولة الإمارات الكثير من الأخطار التي تهدد هذا النوع من التراث، ولاسيما أنه يمثل المكون الثقافي بكل أبعاده، والهوية العربية والخليجية بكل مكنوناتها ومكوناتها الثقافية والنفسية، وأن الأخطار الناجمة في ظل عصر الإنفوميديا والتقنية الحديثة، ربما لا تؤطر في مجملها الكثير من ثقافات العالم، إن لم تنحت الأمم بنفسها لتبقى طويلاً، وإن لم تعرف بنفسها وتحفظ لأجيالها تلك المكون الثقافية والتاريخية للمنطقة، ولا نجد أكثر فاعلية للقيام بهذا الدور من الاهتمام بالإنسان، فهو المكون والمكنون الحافظ والوعاء لذلك، وما الحفاظ على التراث غير المادي، إلا امتداد لهذا البقاء.

فعاليات «أسابيع التراث الثقافي العالمي»، في مركز فعاليات التراث الثقافي، في البيت الغربي، بالشارقة، في دورتها الأولى، استضاف مملكة البحرين كأول ضيف ليحتفي عشاق التراث وجمهوره والمختصون والمتابعون بأسبوع التراث، كنوع من الحفاظ على تراثها غير المادي، من شعر وألعاب الشعبية للأطفال، وأزياء، وأكلات شعبية ومؤلفات حالية وقديمة لكتاب بحرينيين، فيتعرف الزوار إلى المكنون الثقافي البحريني، الذي يمثل أحد روافد التراث الخليجي والعربي والغني بالكثير من المفردات التراثية، فبين الأكلات الشعبية، والأثاث البحريني القديم والأهازيج الشعبية البحرينية والأثواب المطرزة على الطريقة التقليدية والألعاب الشعبية، يتحير الزائر للمعرض من أين تبدأ ومن أين تنتهي زيارته.
قالت هيا عبد الله «خبيرة الألعاب الشعبية البحرينية»:على الرغم من غنى التراث الشعبي البحريني بالكثير من الألعاب الشعبية، والتي بقت طويلاً لقرون عدة، إلا أن الكثير منها قد قارب على الانقراض بفعل التقنية الحديثة، وعدم الرغبة بالاستمرار في ممارستها من قبل الجيل الحالي، غير أنها بعثت بممارستها في الشارقة الآن.
وتضيف عبد الله: من أهم الألعاب الشعبية للبنات «حمامة نوري نوري، لومية خضرة خضرة، أمي تناديني، وأسويرة راحت البر، هدو المسلسل، قم يا شويه، دح سقانا، وأنا خويط البريسم، الدود، اللقفة، السكينة والسبت سبمبوت، وأنا الذيب، حقية الدوري، وحبش لبش».
وأما ألعاب الصبية فكانت «الصعقير، التيلة، بوسبيت، وخلف ياكيه، والجلينة، الجلينه والماطوع، ظلالوه، هدو المسلسل وخشيه لأمه ما حد يضمه، والجدير»، وغيرها من الألعاب الشعبية والتقليدية التراثية التي كادت تنتهي من الساحة الحالية.
قالت لولوة محمد سلمان «من البحرين»: التراث البحريني غني بالمفردات التراثية الباقية إلى اليوم، ولاسيما فيما يتعلق بالزي النسائي، حيث ارتبط بالعادات والتقاليد والمناسبات، فهناك الدفة البيضاء والسوداء، ليلية الدخلة، وأيضا ثوب السمكة و«ملفاح النقدي»، ومنها أيضاً أثواب «تشيت ونشيل وناشيل ومفحح»، وكلها أثواب للعروس في الأيام الأولى للزواج والفرشة واليوة. أما الستائر والمسند والمطارح والمرشد والمكباس والفخر والدلة والحفير والصحن الخزفي وسفرة السعف، فهي من مكون أثاث المنازل، ولازالت هذه المفردات مستخدمة إلى اليوم.
وعن أهم الألوان التي كانت سائدة والتي تعلقت بالعادات والتقاليد، قالت سلمان: ارتبط اللون الأحمر والأخضر بالأفراح والأعراس، وكذلك الأسود الذي يتزين بالكثير من أنواع التطريز اليدوي الذي يزيده بهاء وأبهة.
وأيضا تختلف الحال في ما يخص الأكلات الشعبية البحرينية، التي أقبل عليها الزوار للتعرف إلى مذاقها المميز، فالكباب المكون من الطحين والحمص والخضار والبهارات، الذي تقوم عليه ليلى سعد «أم أحمد»، مذاقه المتميز أعجب الجمهور من الزوار، أما خبز الرقاق، المكون من الطحين والتمر والملح، وخليط من المكونات الأخرى، الذي يعد على الصاج ويضاف إليه الجبن أو العسل والزعتر، والذي تعده منى بورك «أم فهد»، فوجد معجبيه أيضاً من بين الزوار للتعرف إلى الأكلات الشعبية البحرينية.
على إيقاع الدفع والطبلة والأدوات التقليدية أدت فرقة الحربان الشعبية مجموعة من الفنون والرقصات الشعبية التقليدية، منها: فن العاشوري والنيدي والمروبع والصوت والبستة، ما أثار اهتمام الزوار، وقال عبد الله محمد «أحد أعضاء فرقة الحربان البحرينية القومية»: أتاح الأسبوع الثقافي لفرقتنا تقديم العروض التقليدية الشعبية والأغاني والأهازيج البحرينية بأنواعها، وهي فرصة لتبادل الثقافات بين شعوب الخليج، ولاسيما أنها ذات جذور واحدة ومتشابكة في الأساس، وإن الاختلاف بينها قليل.
وترى ذكريات معتوق رئيس قسم المعرض والمقتنيات بمعهد الشارقة للتراث أن إتاحة فرصة لدولة البحرين لعرض منتجها التراثي في الإمارات، تعد ذات بعدين، الأول، للتعريف بالمنتوج الثقافي التراثي للمملكة من ناحية التراث الموسيقي والفني والإبداعي، وكل ماهو غير مادي ويتعلق بالتراث، إلى جانب المعارض المصاحبة، وما تقدمه من كتب ومؤلفات ليتعرف الزوار إلى المنتوج الثقافي والمعرفي لدول عدة، ومن ناحية أخرى إحياء البيت الغربي «مركز فعاليات التراث الثقافي»، كونه أحد البيوت المهمة في منطقة قلب الشارقة، وكذلك يعد مكسباً من الجانبين، فالبيوت التاريخية تلقى رواجاً إذا ما أعيد استغلالها جيداً، بعدد كبير من الفنانين والحرفيين والمثقفين والمهتمين بالتراث العربي البحريني.
عائشة عبيد غابش «رئيس قسم العلاقات العامة بمعهد الشارقة ومنسق عام الفعالية»، قالت: تم تنفيذ هذه الفعالية لإنعاش البيوت التراثية وفعالية البحرين، أتاحت للجمهور التعرف عن قرب إلى مضامين تراثية متعددة من خلال الأنشطة المقامة والفرق البحرينية المتواجدة لأسبوع، وتمثل كل مظاهر التراث البحريني.
وأضافت: الترابط بين الدول العربية وغير العربية، هو الهدف من الفعاليات، ولاسيما أننا بصدد استقبال دول مثل فنلندا وإيطاليا، وأيضا المغرب، ولكن ما تقدمه البحرين لا يمثل كل محتويات التراث ولكن يبلور الخطوط الرئيسية له.
يقول جاسم الحربان، مدير إدارة الأنشطة الطلابية بوزارة التربية والتعليم البحرينية: هناك فنون صعبة الأداء وتحتاج إلى رعاية واهتمام، والشيخة مي بنت محمد الخليفة، تهتم بالموروث الثقافي البحريني الحالي، وهذا الاهتمام ينعكس على المواد التراثية الشفهية التي تنقل من جيل إلى آخر، وهذا دليل على الاهتمام به، إلى جانب الشيخة هلا مديرة الثقافة البحرينية.
والآن عرض الكثير من المطبوعات الجديدة والكتب التي تم إنتاجها مؤخراً في البحرين.

وهذه الفعاليات توثق التقارب الثقافي العربي والخليجي، ولاسيما أن الوحدة الخليجية لا تتوقف على مجرد الأرض فقط، بل أيضا تتضمن الموروث التراثي المادي وغير المادي في العادات والتقاليد، ولا يخفى على الجميع التوأمة بين البحرين والإمارات، التي أسسها المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وهذه الأسرة الواحدة نتيجة توءمة المكون الوطني والثقافي الواحد الذي تفرزه العلاقات الطيبة بين البلدين الشقيقين.

وتتضمن أجندة أسبوع الثقافة البحريني فعاليات وبرامج وندوات ومحاضرات وورشاً وأنشطة متنوعة، تسهم في تعريف الجمهور والزوار والمتابعين إلى التراث البحريني.

عبدالعزيز المسلم: نُري للعالم تراثه

قال عبد العزيز المسلم رئيس معهد التراث: ما نراه اليوم بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يرى أننا نذهب إلى العالم لنريهم تراثنا، والآن على العالم أن يأتي لنريه تراثه، ومن هنا وجه بأن يكون البيت الغربي بمنطقة الشارقة التراثية، مركزاً لفعاليات التراث العالمي.
وأضاف: سيتم استقبال 10 دول عربية وغير عربية، تعرض تراثها غير المادي لتريه للعالم من خلالنا، وخصصنا الأسبوع الأول لدولة البحرين الشقيقة.

وفي الأسابيع القادمة سيتم استقبال دول منها: فنلندا ثم مقدونيا فالمغرب، ونحن نركز في هذه الفعاليات على التراث غير المادي مثل الفنون الشعبية والعادات والتقاليد وغيرها وهي تعد من خبرات التراث المعنوي، ولاسيما أننا نسير بخطى ثابتة به.

وأضاف المسلم: أرى أن الثقافة هي الوسيلة المثلى للتقارب والتواصل أكثر بين الشعوب، فهي أكثر جدوى في بعض الأحيان من الرياضة أو السياسة أو غيرها، مما نقوم به في معهد التراث، مثل الفعاليات، ويظهر هذا الأمر جلياً، وكانت أسابيع الشارقة التراثية في الخارج في دول منها البرتغال والمغرب.

جاسم الحربان: الشارقة أفضل الأماكن للتعريف بتراثنا

قال جاسم الحربان: إن الأسبوع الثقافي البحريني يهدف إلى تعريف الجمهور بالتراث البحريني، وتبادل الثقافات بين الشعوب، لاسيما أن زوار إمارة الشارقة تتميز بالرواج السياحي، ما يمكن استغلاله بالتعريف بتراثنا للعالم، وتكون الإمارة الباسمة إحدى نوافذ التعريف وتبادل الثقافات بيننا وبين العالم أجمع.
وما نقدمه من فنون شعبية تشمل الفرق الشعبية الغنائية مثل «فرقة الحربان»، والأكل البحريني، وفنون النجدي الخماري والعربي، وأيضا السوق الشعبي والسامري والفنون البحرية والأزياء والأكلات الشعبية، ومنها احمبروشي والكباب والرقاق وغيره، ومنها المهن مثل الخياطة النسائية بأنواعها، إلى جانب معرض الصور ومعرض الكتب لمجموعة من الكتاب البحرينيين،
إلى جانب اللقاء اليومي مع الجمهور، ليتعرف إلى الصورة الحقيقية للثقافة البحرينية، وتلاقح الثقافات بين الشعوب ولاسيما الخليجية.
وموقع البحرين موقع استراتيجي من قديم الزمن، من حضارة ماجان إلى حضارتي الهند والسند إلى بابل والحضارات السومارية الأولى، وكلها تفاعلات أعطت نتاجاً خاصاً للمنتوج البحريني التراثي الآن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"