تونس بعد رحيل السبسي..تحديات تحت السيطرة

03:25 صباحا
قراءة 4 دقائق
د. محمد عز العرب


أثارت وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في 25 يوليو/تموز الماضي، التساؤلات حول من يخلفه في حكم البلاد، وموعد وترتيبات إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ بعد التعديل الجزئي لها، وتسبق إجراء الانتخابات التشريعية. وقد بدأ المرشحون للانتخابات الرئاسية التقدم بطلبات ترشحهم إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بدءاً من 2 أغسطس/آب، على أن تستمر هذه العملية حتى 9 أغسطس 2019 لتكون المرحلة الأولى في 15 سبتمبر/أيلول المقبل.
يتمثل أبرز زعماء القوى السياسية والكتل الانتخابية المحتمل أن يكون لها حظوظها في المنافسة في الانتخابات الرئاسية التونسية، فيما يلي:
* يوسف الشاهد، رئيس الحكومة الحالي، والذي شغل موقعه منذ عام ونصف العام، ويتسم بصغر سنه النسبي؛ إذ يبلغ من العمر (44) عاماً، على نحو يجعله مرشحاً مفضلاً للأجيال الشابة، لاسيما مع دعمه حملة مكافحة الفساد، وتحقيق الشفافية. وعلى الرغم من قربه من الرئيس السبسي فإنه اختلف معه؛ بسبب ابن الرئيس حافظ، وأسس حزب «تحيا تونس» في مطلع عام 2019؛ بالاعتماد على المنشقين من حزب «نداء تونس»، الذي كان السبسي قد أسسه في منتصف عام 2012. وقد صرّح رئيس الحكومة «يوسف الشاهد» في 3 أغسطس/‏‏آب الجاري «بأن علاقته بالسبسي كانت طيبة في الأشهر الأخيرة، وصفحة الخلاف قد طويت منذ فترة».
وقد دعت الهيئة السياسية لحركة «تحيا تونس» عقب اجتماعها يوم 3 أغسطس الجاري، يوسف الشاهد للترشح للانتخابات الرئاسية المبكرة. كما دعت الهيئة المجلس الوطني الموسع للحزب للانعقاد في دورة استثنائية في 8 أغسطس 2019؛ للنظر في هذا الأمر. كما صرّحت مصادر مطلعة لموقع «التونسيون» بأن الشاهد أكد خلال اجتماعه مع الهيئة السياسية للحزب في 3 أغسطس 2019 أنه لن يكون مرشح حزب «النهضة» للانتخابات الرئاسية بأي حال من الأحوال.
* سليم العزابي، الأمين العام لحزب «تحيا تونس»، ويبلغ من العمر (42) عاماً. وقد كان كاتباً عاماً للرئاسة التونسية، ثم عمل مديراً لمكتب الرئيس بدرجة وزير، غير أنه انشق عن حزب الرئيس السبسي؛ بسبب نجله؛ وهو بذلك يتشابه مع يوسف الشاهد. غير أن فرصه منعدمة في حال ترشح الشاهد؛ حيث صرّح العزابي في 31 يوليو/‏‏تموز الماضي «بأن الحزب سيرشح الشاهد في الانتخابات الرئاسية».
* راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة». وقد أعلن ترشحه لعضوية مجلس نواب الشعب التونسي، والذي قد يترشح لرئاسته في حال فوز حركة «النهضة» وحلفائها بأغلبية المقاعد في البرلمان. .
وقد ذكر رئيس مجلس شورى الحركة عبد الكريم الهاروني في تصريحات سابقة له أن «الحركة تطرح عدة أسماء ؛ منها ، رئيس البرلمان عبد الفتاح مورو، الذي أعلن ترشحه بالفعل. كما صرّح القيادي في حركة «النهضة التونسية» عبد الحميد الجلاصي منذ أيام قليلة بأن عدداً من أعضاء حركة «النهضة» يدعمون ترشح رئيس البرلمان بالنيابة عبد الفتاح مورو.
* مهدي جمعة، وهو رئيس حكومة تونس الأسبق (2013-2015)، وشغل قبلها منصب وزير الصناعة، وهو رئيس حزب البديل التونسي، والذي أعلن في 4 أغسطس الجاري ترشحه للانتخابات الرئاسية المبكرة؛ حيث أكد أنه «استطاع الحصول على 40 ألف تزكية شعبية و10 من نواب البرلمان؛ وذلك في الاجتماع الشعبي الذي عقده حزب البديل التونسي»، كما صرّح «جمعة» قائلاً: إنه «سيعمل على إعادة هيبة تونس وكرامة مواطنيها وسيتصدى لأعداء تونس في الداخل والخارج». وقد حصل حزبه على المرتبة الثانية في الانتخابات البلدية الجزئية التي أجريت قبل أسابيع قليلة في بلدية باردو بالعاصمة.
* منصف المرزوقي، الرئيس السابق لتونس بعد «ثورة الياسمين» ورئيس حزب الحراك «المعبر عن يسار الوسط». ويصف نفسه بأنه المعادلة المختلفة الوسيطة بين «نداء تونس» و«حركة النهضة». وقد أعلن في الفترة الأخيرة نيته خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، غير أن فرصه في النجاح ضعيفة للغاية.
* محمد عبو، زعيم حزب «التيار الديمقراطي» المعارض المعبر عن يسار الوسط. وقد كان قيادياً في حزب «المؤتمر» الذي تزعمه الرئيس المرزوقي، ودخل حكومة الترويكا في عام 2012، وسرعان ما خرج منها؛ بسبب الاتهامات التي وجهها لهذه الحكومة، فيما يخص بالتغاضي عن الفساد والتعايش مع الاستبداد.
* عبير موسى، زعيمة «الحزب الدستوري»، وكانت أمينة عامة مساعدة للحزب الحاكم خلال حقبة زين العابدين بن علي قبل الثورة، وما زالت تدافع عن النظام السابق وتواجه المنتقدين له. وقد وضع الحزب الدستوري على رأس أولوياته تكوين جبهة معادية لحركة «النهضة» وقوى الإسلام السياسي.
والمفاجأة استقالة وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي ودخوله السباق الانتخابي؛ حيث صرّحت النائبة عن حركة «نداء تونس» في 31 يوليو الماضي «إن هناك وثيقة رسمية في مجلس النواب؛ لتزكية وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي للترشح للانتخابات الرئاسية بعد التوقيع عليها من 12 نائباً»، وهو ما يفسر تصريح رئيس الحكومة «يوسف الشاهد» بأن «تونس لديها جيش وطني، ولا مجال للحديث عن انقلاب في تونس». هذا فضلاً عن مرشحين آخرين، وهم أمين عام الحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء «محمد الهادي منصوري»، والقيادي بحزب التكتل الشعبي «منصف الوحيشي»، ووزير الخارجية في عهد زين العابدين بن علي، كمال مرجان، وكذلك بعض رجال الأعمالم.
خلاصة القول: إن تونس قد لا تشهد إشكاليات حادة في مسار الانتقال السياسي والإجراءات الدستورية التي يتعين اتباعها، غير أن ذلك لا يعني غياب تحديات أخرى، وخاصة في ظل محاولة حركة النهضة الهيمنة على ترتيبات المرحلة الانتقالية والاستحواذ على أغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية؛ بحكم امتلاكها القدرات التنظيمية؛ وامتلاكها الأغلبية في البرلمان، بعد تفتت كتلة حزب «نداء تونس»، وغياب الرمز «السبسي» الذي نجح في توحيد الفرقاء السياسيين.
وقد يكون التركيز لحركة «النهضة» على انتخابات مجلس نواب الشعب (البرلمان يعد أهم مؤسسة في النظام السياسي وفقاً لتصورها) وتزداد أيضاً التعقيدات على المستوى الأمني لاسيما مع تهديدات عودة «داعش»، على نحو ما عكسه التفجيران الانتحاريان في يونيو الماضي؛ حيث استهدفا سيارة شرطة في شارع شارل ديجول وإدارة الشرطة العدلية في العاصمة، هذا فضلاً عن تصاعد الاحتجاجات الفئوية؛ بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، خاصة في المناطق النائية.

رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"