اختراع يسمى «الموافقات»

04:10 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

كثيرة هي الإجراءات التي فرضتها شركات التأمين على المرضى، عند زيارة الطبيب وتلقي العلاج، حيث شكلت صعوبات جمة، تحول دون تلقيهم حقوقهم التأمينية في العلاج أحياناً، فكم منهم يعاني المعوقات التي أثقلت كاهلهم بكم هائل من «الموافقات»، بدءًا من لقاء الطبيب مروراً بالفحوص، ووصولاً إلى قائمة الدواء، لترفع تلك الشركات شعار «نحن نعوقك خطوه بخطوة»، فأصبح البعض يفضّل المرض على الذهاب إلى المستشفى للعلاج، هرباً من معاناة الحصول على اختراع يسمى «الموافقات».
فهناك البعض من شركات التأمين التي منحت لنفسها الحق في إلغاء «فحص طبي» أوصى به طبيب معالج ليشخّص من خلاله حالة مريض، أو تلزم مريضاً آخر بالاستغناء عن دواء محرر له بناء على احتياجات حالته المرضية، بل وصل الأمر إلى أن البعض يطالب المريض بالبحث عن مستشفى آخر للعلاج، على أن يكون أقل في التكلفة ويصلح لجميع الأغراض!
والمؤلم في الأمر نراه في أصحاب «الأمراض المزمنة»، الذين كُتب عليهم أن يعيشوا ما تبقى من حياتهم بين أروقة المستشفيات ومراجعة الأطباء، إذ يعاني أكثرهم طول مدة الانتظار للحصول على الموافقة لاستكمال العلاج، أو الرفض ليواجه الصعوبة وتستمر المعاناة، لاسيما أن بعض الشركات نصبت نفسها «رقيباً» على توصيات الطبيب، ومنحت نفسها الحق في تعديل «دواء»، واعتماد بديل، والاكتفاء بـ«فحص» وحذف آخر، ورفض عملية جراحية وقبول أخرى.
فهل من الإنسانية أن يظل مريض منتظراً موافقة شركة التأمين 10 أيام لإجراء عملية جراحية تنقذ حياته وتصلح ما فسد في عموده الفقري مثلا؟ ولماذا ينتظر مريض سكري 4 أيام للموافقة على إجراء فحص، أو للإفراج عن دواء يحتاجه باستشارة طبيب؟ لا نعلم ماذا حدث؟ ولماذا لم نعد نرى المرونة التي كانت في السابق؟
القضايا العلاجية لا تحتمل التأويل أو التأخير، والكل مسؤول في هذا الجانب، ومن المؤكد أن التجاوز والمراوغة والمبالغة في التقدير من بعض شركات التأمين أمر ترفضه الإنسانية ولا يروق للقوانين، إذ يضر بحياة أشخاص تعلقت بمراجعة الطبيب وتناول شربة الدواء، فالإجراءات والآليات هنا تحتاج إلى إعادة نظر لضمان سرعة إسعاف أفراد المجتمع، وجدية تلقيهم العلاج، ونتذكر معاً مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «إن العمل الإنساني هو لغة مشتركة للتراحم بين البشر لا تعرف عرقاً أو ديناً أو هوية».

Email: [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"