الأخلاق والنجاح الزائف

04:10 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

مع انتهاء امتحانات طلبة الثاني عشر (متقدم) الأربعاء، نكون قد أسدلنا الستار على عام دراسي حافل، بحلوه ومره، وننتظر معاً إعلان النتائج خلال أيام قليلة، ولم يكن بوسعنا أن نغادر هذا العام، من دون الوقوف مع إشكالية «الأخلاق والنجاح الزائف» التي ابتليت بها شريحة من الطلبة خلال الامتحانات الأخيرة.
نتفق مع القاعدة العامة التي تؤكد أن «المزيد من النجاح يتطلب المزيد من الجهد»، ولكن ما شهده الميدان مؤخراً من «حالات الغش الذكية»، أهانت في مضمونها الورقة الامتحانية، إذ إن تداولها، بهذه الصورة، يجسد سلوكيات، تتنافى مع أخلاقيات طالب العلم، وتفتقر إلى التربية ومعاني الصدق والأمانة.
وبنظرة فاحصة إلى تلك الإشكالية، نجد تورط أطراف أخرى خلف كواليس تلك السلوكات، على رأسها الأسرة التي ركزت في تربيتها على «الدلال»، وتناست الأخلاق، وأهمية غرس الصدق والأمانة في نفوس أبنائها، لنجدهم في مأزق حقيقي مع إشكالية تسمى «الأخلاق»، وعلينا الآن أن نبحث لهم عن علاج يداوي فقدان القيم والأخلاق.
والطرف الثاني الذي يجب أن يُسأل، يجسده بعض المعلمين الذين ضربوا بأخلاقيات المهنة وسمو أهدافها،عرض الحائط، من أجل «حفنة دراهم»، ووقفوا خارج اللجان، منتظرين تصوير الامتحانات، لإجابتها وإرسالها مرة أخرى، فقد خانوا الأمانة وخالفوا العهد والوعد، وتناسوا غرس القيم في نفوسهم ونفوس طلابهم.
ويمثل المراقبون في اللجان الطرف الثالث، فرغم أن المجتمع يعوّل عليهم، في ضبط إيقاع الطلبة والتزامهم داخل اللجان، إلا أن بعضهم تنصل من مسؤوليته، وغض النظر، وسمح للطلبة بإدخال الهواتف الذكية، وتصوير الامتحانات، وإرسالها خارج اللجان واستقبال إجاباتها، دون أن يهتز لهم ساكن، لأسباب لا يعلمها إلا الله.
والحق يقال إن القيادة الرشيدة للدولة، قدمت الدعم غير المحدود مادياً ومعنوياً، لنهضة التعليم والارتقاء به، وقطعت وزارة التربية والتعليم أشواطاً في تطوير التعليم، ولكن واقع الحال يؤكد عدم قدرتنا على حماية العملية الامتحانية حتى الآن، فلا بدّ من إجراءات أقوى وأشمل احترازية من الحالية.
ووجود فرق تفتيشية محايدة من جهات متخصصة، يضمن التزام الطلبة، ولجاناً خالية من الغش، ونتساءل: أين الفرق التربوية المتخصصة لتوعية الطلبة، وغرس القيم، ومعالجة سلوكاتهم؟ وأين شبكة الكاميرات المركزية، لترصد سلوكات الطلبة وتراقب أداء الملاحظين؟
أما الطلبة، فنقولها لهم صراحة: إن الالتزام وحسن الخلق أهم من «النجاح الزائف»، فسامحوا أنفسكم على ما مضى، ولا توبّخوها، وتعهدوا ببداية جديدة بالعزم والإرادة، وتذكروا مهمتكم الوطنية لرفعة الوطن المعطاء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"