الأمراض غير المعدية.. لمجرد سماع هذه العبارة يطمئن الإنسان إلى حد ما، حتى لو أصيب بأحد هذه الأمراض، وبالتالي لا يشعر بالقلق والتوتر مقارنة مع عبارة الأمراض المعدية، التي تثير نوعاً من الخوف والتفكير مطولًا في سبل النجاة منها، وقبل ذلك الوقاية منها وتجنب التعرض لها.
بالتدقيق في طبيعة ونوعية الأمراض غير المعدية ونسب الإصابة بها ومضاعفاتها، نجد أنها تشكل عبئاً لا يستهان به على المنشآت الصحية لأسباب عديدة بينها الحاجة إلى أعداد كبيرة من الكوادر المتخصصة، والكفاءات ذات الخبرة الواسعة للتعامل معها، كما تشكل عبئاً كبيراً على المجتمع نتيجة المضاعفات والتغيب عن العمل وما يترتب على ذلك من انخفاض الإنتاجية. وإذا ما أضيف لكل ما سبق التكاليف المالية التي تقدر بالمليارات التي تنفق على تشخيص وعلاج هذه الأمراض ومضاعفاتها، نلمس مدى أهمية الحاجة الماسة إلى تبني وتنفيذ استراتيجيات شاملة للوقاية والحد من هذه الأمراض.
المنتدى العالمي لتحالف منظمات الأمراض غير المعدية الذي تستضيفه إمارة الشارقة خلال الأيام المقبلة في دورته الثالثة، ويجمع 400 من قادة المجتمع المدني وخبراء الرعاية الصحية وصنّاع القرار والسياسات والمتخصصين من 80 دولة، يعتبر في غاية الأهمية وفرصة مثالية للاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية الناجعة في التعامل مع الأمراض غير المعدية وسبل الوقاية منها.
وضع خطط واستراتيجيات على مستوى الدولة للحد من الأمراض غير المعدية التي ترصد لعلاجها ميزانيات سنوية ضخمة، يتطلب دراسات وأبحاثاً دقيقة ومعمقة عن الأمراض غير المعدية الأكثر انتشاراً في الدولة وأسبابها وعلاقة الجينات بنسب الإصابة المرتفعة، الأمر الذي يتيح إمكانية التعرف على حجم مشكلة هذه الأمراض وأكثر العوامل المؤدية لها بشكل علمي دقيق.
للأسف ما زال هذا النوع من الدراسات والأبحاث غائباً تماماً، وما هو متوفر لا يتعدى إحصائيات في الغالب تكون محلية ولا تشمل الدولة، فهل هناك دراسة شاملة ودقيقة عن الأورام السرطانية بكافة أنواعها على مستوى الدولة؟ وأين السجل المركزي للأورام السرطانية؟ والحال ينطبق على الأمراض القلبية وضغط الدم والسكري وأمراض الكلى، وأمراض الجهاز الهضمي والكبد، وغيرها من الأمراض التي تتطلب تنسيقاً وتعاوناً من جميع القطاعات الصحية ومختلف الجهات ذات العلاقة، بما في ذلك أفراد المجتمع للتعرف على نسب انتشارها.
سلام ابوشهاب
عن الكاتب
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
