الضباب القاتل

04:36 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

أيقظنا الأمس القريب على حادث تصادم مروع، سطرت تفاصيله 44 مركبة، ونتج عنه إصابات ل 22 شخصاً، تنوعت بين «البسيطة والمتوسطة والبليغة»، وقادتنا الأسباب إلى «الضباب القاتل» الذي انخفضت فيه الرؤية وتاهت فيه المسارات، بالإضافة لعدم مراعاة مستخدمي الطريق لظروف الطقس، والحمد لله تم نقل المصابين للمستشفى لتلقي العلاج.
ولكن.. إن كان الضباب ظاهرة طبيعية تشكل خطراً على الأرواح، وتمثل سبباً في وقوع مثل تلك الحوادث، إلا أنها ليست كل الأسباب، بل هناك أطراف أخرى يجب أن توضع في الاعتبار لتحاسب وتتلقى نصيبها في العقاب، فالأمر متعلق بسلامة وحياة الآخرين.
فعلى الرغم من تنبؤ الجهات المعنية بالأرصاد، بقدوم الضباب قبل ساعات من حدوثه، ونشر التحذيرات المتنوعة عبر المواقع الرسمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، لقائدي المركبات، لتجنب السرعة الزائدة، وأخذ الحيطة والحذر، وترك مسافات الأمان، إلا أنه لازال لدينا «متهورون على الطريق» يعبثون بأرواحهم وحياة الآخرين.
أعتقد أن المسؤول الأول عن تلك الحوادث، نراه في السلوكيات المتهورة التي يرتكبها بعض السائقين، أثناء القيادة في أجواء الضباب والأمطار، فإن قيادة المركبة بسرعة رغم انعدام الرؤية يعد «انتحاراً»، والتجاوز والانحراف الخاطئ، يعد «قتلاً» مع سبق الإصرار، واستخدام الإضاءة بصورة خاطئة يشكل خطراً على حياة الآخرين.
وأضف إلى تلك السلوكيات، «كارثة» تسمى الشاحنات، فتجاوزاتها قاتلة لا تحاكي الأخطاء المرورية العادية، فنراها لا تلتزم بالحظر المفروض عليها في ساعات الذروة والظروف الجوية والمناخية السيئة، وظهر ذلك جلياً في الفيديو المتداول للحادث، حيث اقتحمت شاحنة مسرعة مكان الواقعة، وتسببت في إصابات جسمانية وخسائر مادية كبيرة.
حادث الأمس القريب ليس الأول من نوعه، فلماذا لا نشدد العقوبات على أصحاب تلك السلوكيات ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر ؟، ولماذا لم يكن هناك صلاحيات أوسع لدوريات معنية بأمن الطرق، لتقييم حالة الشوارع، وتقدير خطورة الطريق، وإغلاق مسارات واتجاهات ومنع السير في حالات الضباب الكثيف، بالتنسيق مع غرف العمليات المختصة؟ لتفادي تكرار تلك الحوادث ومخاطرها البليغة.
في الواقع إن جهود الجهات المعنية مشهودة، ومقدرة، ولكن التصدي لمن يتهاون في تطبيق القانون واحترامه، أمر غاية في الأهمية، وخاصة إن كان متعلقاً بأرواح الناس، والمجتمع أيضاً في حاجة إلى قرار بوقف سير المركبات على الطرق أوقات الضباب الكثيف، وتطبيق «الدوام المرن»، في وزارات ومؤسسات الدولة الحكومية والخاصة أثناء اضطرابات الطقس، حفاظاً على سلامة الأرواح والممتلكات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"