عادي

تحليل اقتصادي ... استمرار ربط العملات الخليجية سياسة مكلفة غير قابلة للاستمرار

23:06 مساء
قراءة 4 دقائق
تجاهد البنوك المركزية في دول الخليج العربية لاقناع أسواق المال بانها لن تتخلى عن ربط عملاتها بالدولار في وقت تبدو فيه سياساتها النقدية مكلفة بدرجة تجعل الدفاع عنها صعبا وتجعلها غير قابلة للاستمرار.وبعد موجة من الخلافات العلنية بشأن الاصلاح النقدي العام الماضي تسعى البنوك المركزية في الخليج لتوحيد صفوفها فتتحدث بشكل ايجابي عن الربط كمصدر للاستقرار وتهون من ضعف الدولار باعتباره ظاهرة مؤقتة.لكن الاسواق مازالت تراهن على احتمالات رفع قيم عملات الخليج أو ان الحكومات قد تتخلى عن النظام المعمول به منذ فترة طويلة المتمثل في تثبيت سعر الصرف.واتبع صناع القرار في دول الخليج تخفيضات الفائدة الأمريكية ومنها تخفيضان بلغ اجماليهما 125 نقطة اساس خلال الاسبوعين الماضيين لمنع المستثمرين من المضاربة على احتمال رفع قيم العملات.ولكن في حين تشعر الولايات المتحدة بالقلق ازاء تباطؤ الاقتصاد تواجه دول الخليج المزدهرة مشكلة تضخم خطيرة يتطلب حلها عادة رفع الفائدة وليس خفضها.ومن الطبيعي ألا تنتهي المضاربات. وفكت الكويت ربط عملتها بالدولار في مايو/ ايار الماضي والضغوط تتنامى على بقية دول المنطقة لاتباع خطاها.وقال سايمون وليامز الاقتصادي في اتش.اس.بي.سي وجهة النظر القائلة بالتخلي عن الربط ستتدعم مع انخفاض الفائدة الأمريكية لكن معدلات النمو والتضخم تظل عالية في الخليج.وقد يتمسك صناع القرار بموقفهم لبعض الوقت ويبدون موقفا موحدا إذ يفترض انهم يحضرون لوحدة نقدية في الخليج ولكن الثمن سيكون باهظا.وقال ماريوس ماراثيفتيس من ستاندارد تشارتارد بنك يمكن تأجيل رفع قيم العملات لفترة طويلة لكن ذلك سيكون له ثمن، الثمن هو التضخم.وأصبح التضخم مسألة شائكة سياسيا في الخليج فقد تجاوز أسعار الاقراض في خمس من ست من الدول التي تحضر للوحدة النقدية.ولم تعد وجهة النظر القائلة بأن الوضع القائم يحقق الاستقرار تلقى صدى اذ اضطرت الحكومات إلى رفع الاجور وفرض قيود على الايجارات وأسعار المواد الغذائية لاحتواء الاستياء العام.وتشكو البنوك من القيود على الاقراض واحتج العمال المهاجرون على تآكل قيم ما يكسبون عند تحويله لبلادهم إذ ان ضعف الدولار يبقي على عملات الخليج منخفضة بسبب ربطها بالدولار.وبلغ التضخم أعلى مستوياته في 16 عاما في السعودية وعمان وأعلى مستوياته في 19 عاما في الإمارات واقترب من اعلى مستوياته على الإطلاق في قطر. ويتدخل صناع القرار بشكل مباشر في اسواق القروض والعقارات والسلع لتعويض أثر خفض الفائدة.ولكن هناك حدود لما يمكن أن يقوموا به مع انخفاض تكاليف الاقتراض بدرجة كبيرة.وقال محافظو البنوك المركزية ومنهم سلطان ناصر السويدي محافظ بنك الإمارات المركزي الذي دعا بحماس شديد لاصلاح العملات في نوفمبر/ تشرين الثاني، مؤكداً أن ربط العملة بالدولار ليس هو المسؤول عن ارتفاع أسعار العقارات المحرك الرئيسي للتضخم في المنطقة.وقال محافظون منهم الشيخ عبد الله بن سعود ال ثاني إن المعروض الجديد من المساكن سيخفف من ارتفاعات الأسعار في سوق العقارات. لكن تضخم أسعار العقارات ليس هو المسؤول بالكامل عن قيود العرض عندما ترفع أسعار الفائدة السالبة في الخليج الطلب على الائتمان.وتضاعف الاقراض للتمويل العقاري في الإمارت التي فتحت سوقها أمام المستثمرين الأجانب منذ 2002 في عام حتى يونيو/ حزيران ليبلغ 7ر45 مليار درهم (45ر12 مليار دولار).وقال جيسون جوف من بنك الإمارات الدولي يتعين كبح جماح نمو الائتمان، السبيل الوحيد للحد من المضاربات في سوق العقارات هو رفع أسعار الفائدة.وتكافح السعودية التضخم البالغ 5ر6 في المائة بسعر اقراض رسمي يبلغ 5ر5 في المائة. وأكدت السعودية الاسبوع الماضي أنها سترفع أجور العاملين بالحكومة بنسبة خمسة في المائة وتدعم كل شيء من تكاليف النقل إلى رسوم رخص قيادة السيارات.وطرحت دول خليجية اخرى سياسات جديدة للرعاية الاجتماعية من فرض قيود على رفع الايجارات في الإمارات وعمان وقطر إلى دعم الغذاء في الكويت وزيادة بنسبة 70 في المائة في أجور بعض العاملين بالحكومة الاتحادية في الإمارات.وقالت قطر إنها ستزيد طاقة مينائها للسماح بدخول المزيد من الواردات والسيطرة على أسعار مواد البناء لمكافحة التضخم الذي بلغ 7ر13 في المائة في سبتمبر/ ايلول مقتربا من اعلى مستوياته على الإطلاق.وقال المستشار الاقتصادي لأمير قطر هذا الاسبوع إن بلاده تدرس التخلي عن ربط عملتها بالدولار في إطار اصلاحات تهدف إلى احتواء التضخم. وأضاف ان أي استبدال للدولار بسلة عملات يجب ان يتجاوز ما قامت به الكويت اذ استبدلت الدولار بسلة عملات المكون الرئيسي فيها هو الدولار.وتوقع ستاندارد تشارترد ارتفاعا بنسبة ثمانية في المائة في سعر الريال السعودي والدرهم الإمارتي بحلول ابريل/ نيسان في حين توقعت المجموعة المالية القابضة- هيرميس وميريل لينش ودويتشه بنك أن ترفع الإمارات وقطر قيم عملاتهما هذا العام.وقالت مونيكا ماليك الاقتصادية في هيرميس خفض الفائدة سيصل إلى مرحلة يتعين فيها على الخليج التحرك. (رويترز)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"