اللجان الشرعية الداخلية للمصارف

ورِقٌ ودين
03:26 صباحا
قراءة دقيقتين
د.إبراهيم علي المنصوري *

تُعد اللجان الشرعية الداخلية الضمير اليقظ في العمل المصرفي الإسلامي، فغاية وجودها التأكد من سلامة الإجراءات التي تتم في المصرف الإسلامي، وموافقتها لمبادئ الشريعة الإسلامية، والمعايير الشرعية المعتمدة لضبط المعاملات المالية الإسلامية. وقرارات اللجنة ملزمة في الكثير من المصارف الإسلامية، وتمتاز تقاريرها بالشفافية والمصداقية العالية، وتتولى كذلك الرد على استفسارات الإدارات المعنية في المصرف، وإصدار الفتاوى اللازمة بشأنها. وفي حال تعرض المصرف لخسارة، فإن اللجنة تُراجع الإجراءات، وتحدد مدى مسؤولية الإدارة عنها؛ إذ يترتب على ذلك تحمل المودعين لكل الخسائر أو بعضها أو عدم تحملهم.
وتقوم اللجنة مقام الحكم الوسط بين المصرف والمستثمر، أو المساهم، أو الحكومة أو إحدى الشخصيات الاعتبارية، أو شركات القطاع العام أو الخاص.
ووجودها في العمل المصرفي الإسلامي يعزز الطمأنينة في نفوس مجموع المتعاملين بمختلف أنواعهم، وتقع في أعلى هرم العمل المصرفي. ووفق الهيكلية التنظيمية للعمل المصرفي الإسلامي في الدولة، فإن اللجان الشرعية الداخلية تتبع تعليمات وقرارات الهيئة العليا الشرعية للأنشطة المالية والمصرفية في المصرف المركزي التي تضبط عمل تلك اللجان. وتضم الهيئة العليا نخبة معتبرة من العلماء الشرعيين والاقتصاديين المتخصصين ومن ذوي الخبرة والكفاءة، ويتمثل دورها بوضع القواعد والمعايير والمبادئ العامة للأعمال والأنشطة المالية والمصرفية التي تتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية، وفق الوكالة، وتتولى الرقابة والإشراف على لجان الرقابة الشرعية الداخلية للبنوك والمنشآت المالية التي تمارس أعمالها كافة، أو جزءاً من أعمالها، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. كما أنها منوطة، إلى جانب ذلك، بوضع إطار عام للحوكمة الإسلامية، وإصدار وتقديم الفتاوى والآراء الشرعية حول الأمور التي تعرض عليها من جانب المصرف المركزي، أو المؤسسات المالية الأخرى في الدولة.
وجدير أن نذكر جوانب من السلبيات المتنوعة في عمل اللجنة الشرعية الداخلية بالمصرف، منها ما يتعلق باختصاصاتها في بعض المصارف، كعدم مشاركتها في وضع نظام اختيار العاملين، وعدم قيامها بمراجعة ما يتعلق بالزكاة والقروض الحسنة، وعدم مشاركتها في وضع التعليمات التنفيذية الخاصة بالتشغيل داخل المصرف، وعدم إبداء الرأي في الضمانات المقدمة من المتعاملين، وعدم مشاركة الإدارة في المشروعات والأنشطة ودراسات الجدوى وإبرام العقود، وعدم إبداء الرأي في الديون المتأخرة وتحديد إعسار ويسر المتعامل وما يترتب عليه.
ويشوب رقابتها على الاستثمارات المحلية خارج المصرف شيء من الضعف، من حيث عدم تدخلها في عمليات استثمارية مع الغير كإنشاء مشروع أو مضاربة مع الغير. وكذلك قصور الضبط الشرعي في التعامل مع البنوك الخارجية غير الإسلامية، سواء كانوا مراسلين أم وكلاء، وكذلك القصور في ضبط التجارة الدولية والاعتمادات المستندية.
ومع ذلك، فإن اللجان الشرعية الداخلية تسعى وبكل جهد واجتهاد لتحقيق الأهداف المرجوة من وجودها، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة الشرعية لأداء المصارف الإسلامية.

* أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية
المساعد بجامعة الشارقة
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"